للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ الإشارة إما إلى القرآن- وهو المروي عن الحسن وقتادة- وخدش بأنه بعيد عن السياق. وإما إلى ما لخص من أمر الكفار والمتقين والتائبين، وقوله سبحانه: قَدْ خَلَتْ الآية اعتراض للحث على الإيمان والتقوى والتوبة- كما قيل- ووجه الاعتراض لدفع الاعتراض بأن المعترضة مؤكدة للمعترض فيه وهنا ليس كذلك بأن تلك الآيات واردة على سبيل الترغيب والترهيب لآكلي الربا وهذه الآية دلت على الترهيب ومعناه راجع إلى الترغيب بحسب التضاد كما أن بعض الآيات الواردة في الرحمن للوعيد تعدّ من الآلاء بحسب الزجر عن المعاصي فيتأتى التوكيد دون نقص، واعترض عليه بأنه تعسف. وإما إلى ما سلف من قوله سبحانه:

قَدْ خَلَتْ إلخ، وهو المروي عن أبي إسحاق، واختاره الطبري والبلخي، وكثير من المتأخرين- وأل- في الناس للعهد، والمراد بهم المكذبون، والظرف إما متعلق ببيان أو بمحذوف وقع صفة لهم أي هذا إيضاح لسوء عاقبة ما هم عليه من التكذيب فإن الأمر السابق وإن كان خاصا بالمؤمنين على المختار لكن العمل بموجبه غير مختص بهم ففيه حمل للمكذبين أيضا على أن ينظروا في عاقبة أسلافهم ليعتبروا بذلك، والموعظة ما يلين القلب ويدعو إلى التمسك بما فيه طاعة، والهدى بيان طريق الرشد ليسلك دون طريق الغي، والفرق بينه وبين البيان أن الثاني إظهار المعنى كائنا ما كان ولكون المراد به هنا ما كان عاريا عن الهدى والعظة خصه بالناس مع أن ظاهره شامل للمتقين.

والمراد بهم مقابل المكذبين وكأنه وضع موضع الضمير بناء على أن المعنى وزيادة بصيرة وموعظة لكم للإيذان بعلة الحكم فإن مدار ذلك كونه هدى وموعظة لهم إنما هو تقواهم وعدم تكذيبهم، وقدم بيان كونه بيانا للمكذبين مع أنه غير مسوق له على بيان كونه هدى للمتقين مع أنه المقصود بالسياق لأن أول ما يترتب على مشاهدة آثار هلاك أسلافهم ظهور حال أخلافهم، وأما الهدى فأمر مترتب عليه والاقتصار على الأمرين في جانب المتقين مع

<<  <  ج: ص:  >  >>