ينتهي نسبه إلى الشاعر الجاهلي المشهور امرىء القيس. أسلم وشهد بيعة العقبة الثانية، وكان أحد النقباء الإثنى عشر. عمل على نشر الإسلام في المدينة قبل الهجرة، فأصبح عظيم القدر، أثيرا عند النبي صلى الله عليه وسلم. ولقد زاد في مكانته أنه كان يخط بيده فاتخذه الرسول كاتبا. وكانت له مقدرة عسكرية عظيمة، وشهد كل المعارك مع النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا بدر الصغرى لأن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلفه مكانه على المدينة. في هذه المعارك كان ابن رواحة أول خارج إلى القتال وآخر قافل عنه. وكان من الذين يردون الأذى عن الرسول صلى الله عليه وسلم في كل المعارك التي خاضها. ولما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم سرية إلى مؤتة القريبة من البلقاء في جمادى الأولى عام ٨ هـ/ أيلول عام ٦٢٩ م. أمّر مولاه زيد بن حارثة على ثلاثة آلاف فارس. وقال إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس. فإن اصيب جعفر فعبد الله بن رواحة. ولما تقابل الفريقان ورأى المسلمون كثرة أعدائهم، تشاوروا فيما بينهم هل يكتبون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يخبرونه بعدد العدو ليمدهم بالرجال أو يأمرهم بأمر؛ لكن ابن رواحة شجعهم على المضي في القتال قائلا:«إن التي تكرهون للتي خرجتم لها، إياها تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا كثرة ولا قوة، وإنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة» .
فقالوا: لقد صدق ابن رواحة. وسرعان ما امتدت عدوى النخوة من الشاعر الشجاع إلى الجيش كله. وعند ما استشهد حاملا الراية الواحد بعد الآخر وصلت الراية إلى عبد الله ابن رواحة الذي قاتل على فرسه أولا ثم نزل عنها وقاتل قتال الأبطال حتى استشهد. وفي المدينة أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بما حدث في ساحة القتال قبل عودة الجيش، ونادى في الناس الصلاة جامعة. ثم صعد المنبر وعيناه تذرفان وأخبرهم باستشهاد قواد الجيش بما فيهم ابن رواحة الذي اثبت قدميه حتى قتل شهيدا.
لقد كان ابن رواحة مشهورا بمحبته وطاعته للرسول صلى الله عليه وسلم؛ يروى أنه