لما قام النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام، كان كعب قد بلغ من الشعر والشهرة حظا مرموقا. فلما أسلم أخوه بجير وبّخه واستحثه على الرجوع عن دين لم يعهده آباؤه [من الطويل] :
«ألا أبلغا عنّي بجيرا رسالة ... على أيّ شيء ريب غيرك دلّكا
على خلق لم تلف أمّا ولا أبا ... عليه ولم تدرك عليه أخا لكا
سقاك أبو بكر بكأس روية ... فأنهلك المأمون منها وعلّكا»
وقد هجا كعب النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام وشبب بنساء المسلمين، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه، وقال: من لقي كعبا فليقتله. لكن أخاه بجيرا أرسل إليه يخبره بالأمر وبأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قتل كعب بن الأشرف لأنه شبب ببعض النساء المسلمات، وكتب له هذه الأبيات [من الطويل] :
«من مبلغ كعبا فهل لك في التي ... تلوم عليها باطلا وهي أحزم
إلى الله لا العزّى ولا اللّات وحده ... فتنجو إذا كان النجاة وتسلم
لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت ... من النّاس إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه ... ودين أبي سلمى عليّ محرّم»
فلما بلغ الكتاب كعبا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وخاف خوفا شديدا، وقال الناس: هو مقتول. فكتب إليه أخوه بجير بأنه ما من أحد يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم مسلما تائبا إلا قبله وأسقط ما كان قبل ذلك. فأسلم كعب،