للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونظم قصيدته المشهورة بانت سعاد، وقدم المدينة متخفيا حتى أناخ بباب المسجد. ولنتركه يذكر ما حصل: قال: فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة، فتخطيت حتى جلست إليه فأسلمت. ثم قلت الأمان يا رسول الله أنا كعب ابن زهير. قال: أنت الذي تقول، والتفت إلى أبي بكر فقال: كيف قال؟

فذكر الأبيات الثلاثة. فلما قال: فأنهلك المأمور قلت يا رسول الله ما هكذا قلت وإنما قلت المأمون. قال: مأمون والله. ثم أنشده كعب القصيدة اللامية التي مطلعها [من البسيط] :

«بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... متيّم إثرها لم يفد مكبول «١»

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ... إلا أغنّ غضيض الطّرف مكحول»

«٢» وهي قصيدة تقع في ثمانية وخمسين بيتا من الشعر المحكم الرصين الذي يظهر فيه أثر الجاهلية واضحا جليا، وهي من البحر البسيط:

وتقسم القصيدة إلى ثلاثة أقسام:

١- توطئة غزلية على عادة الشعراء الأقدمين (١- ١٢) .

٢- وصف الناقة التي تبلغ بالشاعر إلى محبوبه (١٣- ٣٣) .

٣- اعتذار من الرسول صلى الله عليه وسلم ومدح له وللمهاجرين (٣٤- ٥٨) .

وفي القسم الأخير يتوسل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتذلل إليه ويصف جزعه. أما المدح فهو يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأسد، وقد ذكر هيبته وهداه.

ومما جاء فيها:

«وقال كلّ خليل كنت آمله ... لا ألهينّك إني عنك مشغول

فقلت خلّوا سبيلي لا أبا لكم ... فكل ما قدّر الرحمن مفعول

كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته ... يوما على آلة حدباء محمول «٣»


(١) بانت: فارقت. متبول: غلبه الحب. متيم: ذ لله الحب. مكبول: مقيد.
(٢) البين: الفراق. أغن: في صوته غنة.
(٣) آلة: النعش. حدباء: معوجة.

<<  <   >  >>