للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنبئت أنّ رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول

مهلا هداك الذي أعطاك نافلة ... القرآن فيها مواعيظ وتفصيل

لا تأخذنّي بأقوال الوشاة ولم ... أذنب وإن كثرت فيّ الأقاويل

لقد أقوم مقاما لو يقوم به ... أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل

لظلّ يرعد إلا أن يكون له ... من النبيّ بإذن الله تنويل

إنّ الرسول لنور يستضاء به ... وصارم من سيوف الله مسلول

في عصبة من قريش قال قائلهم ... ببطن مكّة لما أسلموا زولوا «١»

زالوا فما زال أنكاس ولا كشف ... عند اللقاء ولا ميل معازيل «٢»

شمّ العرانين أبطال لبوسهم ... من نسج داود في الهيجا سرابيل

لا يفرحون إذا نالت رماحهم ... قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا «٣»

يمشون مشي الجمال الزّهر يعصمهم ... ضرب إذا عرّد السود التنابيل «٤»

لا يقع الطّعن إلّا في نحورهم ... وما لهم عن حياض الموت تهليل»

«٥» فلما انتهى منها كساه النبي صلى الله عليه وسلم بردة له. وهذه البردة اشتراها معاوية بن أبي سفيان من أولاد كعب، وظل خلفاء بني أمية يتوارثونها ليلبسوها في الأعياد.

وهناك من رأى بأن هذه البردة انتقلت إلى العباسيين فالفاطميين في القاهرة فالعثمانيين الذين احتفظوا بها بين الآثار النبوية في مسجد أبي أيوب الأنصاري.

ولذلك يطلق على هذه القصيدة اسم «البردة» .

ولقد اهتم الشعراء بهذه القصيدة اهتماما بالغا، واعتبروها من أجلّ ما قيل في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم «٦» فشطروها كما فعل الشيخ عبد القادر سعيد الرافعي الطرابلسي:


(١) زولوا: انتقلوا إلى المدينة.
(٢) الأنكاس: الضعفاء. كشف: لا ترس معهم.
(٣) مجازيعا: مجزاع: كثير الجزع. نيلوا: أصيبوا.
(٤) يعصمهم: يمنعهم. السود التنابيل: الجمال السود القصار.
(٥) تهليل: تأخر.
(٦) تجدر الإشارة إلى أن كعبا كان قد مدح الرسول صلى الله عليه وسلم بأسلوب جاهلي صرف، فلم يشر إلى فرض من فروض الدين الإسلامي، ولم ينبه إلى آية من القرآن الكريم، وما ذلك إلا لأنه كان يجهل حقيقة الإسلام يوم نظم قصيدته.

<<  <   >  >>