فأنت إذا استغفرت للعبد ذنبه ... يعود بريئا مثلما الطّفل يولد
وأنت رسول الله للناس ملجأ ... إذا الناس في يوم القيامة أرعدوا
وكلّ رسول مستغيث لنفسه ... سواك إذا ما النار تحمى وتوقد
وإنّك للأعلى لدى الله رتبة ... وأنت على كلّ الخليقة سيّد
وأنت الذي في الأرض تدعى محمدا ... وإنك في أهل السماوات أحمد
فداك فؤادي أن تشاك بشوكة ... برجلك أو يهدي لغيرك منشد
وأنت الذي ما ضلّ خلفك سائر ... ونهجك نبراس إلى الحقّ يرشد
وقال لنا الرحمن في الذكر آية ... بعثت رسولا إن تطيعوه تهتدوا»
«١»
١٢٦ خويلد بن خالد بن محدث «أبو ذؤيب الهذلي»
كان مقدما على جميع شعراء هذيل. كان فصيحا، كثير الغريب، متمكنا من الشعر. عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام فأسلم. سكن المدينة، وشارك مع أبنائه الخمسة في فتح شمال أفريقيا، لكن أولاده الخمسة قد توفوا بمصر بداء الطاعون، وكانوا ذوي بأس ونجدة. وقد ذكر ذلك في قصيدة مطولة جاء فيها [من الكامل] :
«أمن المنون وريبها تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها ... ألفيت كلّ تميمة لا تنفع
والنفس راغبة إذا رغّبتها ... وإذا تردّ إلى قليل تقنع»
وتابع أبو ذؤيب زحفه مع المسلمين واستولوا على قرطاجة بتونس، ثم عاد إلى مصر بصحبة عبد الله بن الزبير حيث مات عام ٢٨ هـ/ ٦٤٩ م. له ديوان شعر فيه مرثية ذكر فيها ما حل به لدى سماعه بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم:
«قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الججيج إذا أهلوا جميعا بالإحرام. وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليل، فاستشعرت حربا، وبت بأطول ليلة لا ينجاب ديجورها ولا يطلع نورها، حتى إذا كان قرب السحر
(١) خليل سليمان، هلال جديد (بيروت ١٩٨٣) ص ١٢٠- ١٢١.