للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأرض» »

. وبذلك شرفت المدينة كما شرف به العرب:

«يا من به طيبة طابت حلّى وعلى ... ومن بتشريفه قد شرّف العرب»

«٢» ومن تمام محبته صلى الله عليه وسلم- كما أسلفنا- الإكثار من ذكره ومن الصلاة عليه؛ لأن المسلمين مأمورون بالصلاة والسلام عليه في كل وقت ومناسبة.

قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب/ ٥٦] . وقد رأى المفسرون أن صلاة الله تعالى على نبيه تعني الثناء عليه. وصلاة الملائكة عليه تعني الدعاء وطلب الثناء والتعظيم من الله تعالى لهذا الرسول الكريم. فالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم تعني: «تعظيم النبي في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود» «٣» . ويلاحظ أن الآية قد أتت بصيغة المضارع «يصلون» لتدل على أنه سبحانه وتعالى وجميع ملائكته يصلون على نبينا عليه الصلاة والسلام دائما أبدا؛ لأن المضارع يدل على الدوام والاستمرار.

أما المراد بقوله تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ أي أدعوا ربكم بالصلاة عليه التي بها يتقرب العبد من مولاه لقوله صلى الله عليه وسلم: «زينوا مجالسكم بالصلاة علي فإن صلاتكم علي نور لكم يوم القيامة» «٤» .

أخرج أحمد والنسائي عن أبي طلحة الأنصاري (ض) قال: «أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس، يرى في وجهه البشر. قالوا: يا رسول الله أصبحت اليوم طيب النفس يرى في وجهك البشر؟ قال: أجل، أتاني آت من ربي عزّ وجلّ فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها» «٥» .


(١) النويري، نهاية الأرب ١/ ٣٢١.
(٢) المقري، نفح الطيب ١/ ٤٥.
(٣) النبهاني، الأنوار المحمدية، ص ٤٢٢.
(٤) محمد سعيد السباعي، أفضل القربات إلى الله بالصلاة على رسول الله (حمص ١٩٥٩) ص ٧.
(٥) الكاندهلوي، حياة الصحابة ٤/ ٦٤- ٦٥؛ السبكي، طبقات الشافعية (بيروت دار المعرفة) ١/ ٨٢.

<<  <   >  >>