المدائح النبوية، إذ أنها أصبحت مصدر الوحي لكثير من القصائد التي أنشئت بعد البوصيري في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم. وعن سبب وضعه لهذه القصيدة قال:
«كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ما كان اقترحه عليّ الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبير. ثم اتفق بعد ذلك أن صاحبني فالج أبطل نصفي، ففكرت في عمل قصيدتي هذه فعملتها، واستشفعت بها إلى الله تعالى أن يعافيني، وكررت إنشادها وبكيت، ودعوت وتوسلت. ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم (في المنام) فمسح على وجهي بيده المباركة، وألقى عليّ بردة، فانتبهت ووجدت فيّ نهضة، فقمت وخرجت من بيتي» .
تقع البردة في اثنين وستين ومائة بيت. ومطلعها [من البسيط] :
«أمن تذكّر جيران بذي سلم ... مزجت دمعا جرى من مقلة بدم
أم هبّت الريح من تلقاء كاظمة ... وأومض البرق في الظلماء من إضم
لولا الهوى لم ترق دمعا على طلل ... ولا أرقت لذكر البان والعلم
يا لائمي في الهوى العذريّ معذرة ... منّي إليك ولو أنصفت لم تلم»
والبردة عدة أقسام: القسم الأول في الغزل وشكوى الغرام. القسم الثاني في التحذير من هوى النفس. القسم الثالث في مدح النبي صلى الله عليه وسلم. القسم الرابع في مولده عليه السلام. القسم الخامس في معجزاته صلى الله عليه وسلم. القسم السادس في سر القرآن. القسم السابع في إسرائه ومعراجه صلى الله عليه وسلم. القسم الثامن في جهاده عليه السلام. القسم التاسع في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم. القسم العاشر المناجاة وعرض الحاجات.
١٢ بيتا في المطلع، ١٦ في ذكر النفس وهواها، ٣٠ في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ١٩ في مولده، ١٠ في يمن دعائه، ١٧ في مدح القرآن، ١٣ في ذكر معراجه، ٢٢ في جهاده، ١٤ في الاستغفار، ٩ في المناجاة.
نقتطف منها الأبيات التالية:
«محمد سيد الكونين والثقلي ... ن والفريقين من عرب ومن عجم
نبيّنا الآمر النّاهي فلا أحد ... أبرّ في قول لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته ... لكلّ هول من الأهوال مقتحم