من حاربه، هيهات من أن يصطلمه مصطلم! جعله سلما لمن دخله، ونورا لمن استضاء به، وبرهانا لمن تمسك به، ودينا لمن انتحله، وشرفا لمن عرفه، وحجة لمن خاصم به وعلما لمن رواه، وحكمة لمن نطق به، وحبلا وثيقا لمن تعلق به، ونجاة لمن آمن به، فالإيمان أصل الحق، والحق سبيل الهدى، وسيفه جامع الحلية، قديم العدة الدنيا مضماره، والغنيمة حليته، فهو أبلج منهاج، وأنوار سراج، وأرفع غاية، وأفضل دعية، بشير لمن سلك قصد الصادقين، واضح البيان عظيم الشأن، الأمن منهاجه، والصالحات مناره، والفقه مصابيحه، والمحسنون فرسانه، فعصم السعداء بالإيمان، وخذل الأشقياء بالعصيان من بعد اتجاه الحجة عليهم بالبيان، إذ وضح لهم منار الحق وسبيل الهدى، فالإيمان يستدل به على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت يختم الدنيا، وبالدنيا تخرج الآخرة وفي القيامة حسرة أهل النار، وفي ذكر أهل النار موعظة أهل التقوى والتقوى غاية لا يهلك من أتبعها، ولا يندم من عمل بها، لأن بالتقوى فاز الفائزون، وبالمعصية خسر الخاسرون، فليزدجر أهل النهى وليتذكر أهل التقوى، فإن الخلق لا مقصر لهم في القيامة دون الوقوف بين يدي الله، مرفلين في مضمارها نحو القصبة العليا إلى الغاية