القصوى، مهطعين بأعناقهم نحو داعيها، قد شخصوا من مستقر الأجداث والمقابر إلى الضرورة أبدا، لكل دار أهلها، قد انقطعت بالأشقياء الأسباب وأفضوا إلى عدل الجبار، فلا كرة لهم إلى دار الدنيا، فتبرؤا من الذين آثروا طاعتهم على طاعة الله، وفاز السعداء بولاية الإيمان، فالإيمان يا ابن قيس على أربع دعائم: الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد؛ فالصبر من ذلك على أربع دعائم: الشوق، والشفق، والزهد، والترقب؛ فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات، واليقين من ذلك على أربع دعائم: تبصرة الفتنة تأول الحكمة، ومن تأول الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان في الأولين، فاهتدى إلى التي هي أقوم، والعدل من ذلك على أربع دعائم: غائص الفهم، وغمرة العلم، وزهرة الحكم، وروضة الحلم، فمن فهم فسر جميع العلم، ومن علم عرف شرائع الحكم، ومن عرف شرائع الحكم لم يضل، ومن حلم لم يفرط أمره وعاش في الناس حميدا، والجهاد من ذلك على أربع دعائم: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن