وأما مقيس فإنه كان له أخ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل خطأ فبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني فهر ليأخذ عقله١ من الأنصار، فلما جمع له العقل، ورجع نام الفهري فوثب مقيس فأخذ حجرا فجلد به رأسه فقتله ثم أقبل وهو يقول:
شفى النفس من قد بات بالقاع مسندا ... تضرج ثوبيه دماء الأخادع
وكانت هموم النفس من قبل قتله ... تلم فتنسيني وطيء المضاجع
قتلت به فهرا وغرمت عقله ... سراة بني النجار أرباب فارع
حللت به نذري وأدركت ثورتي ... وكنت إلى الأوثان أول راجع
وأما أم سارة فإنها كانت مولاة لقريش فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الحاجة فأعطاها شيئا، ثم أتاها رجل فبعث معها كتابا إلى أهل مكة يتقرب بذلك إليهم ليحفظ عياله، وكان له بها عيال فأتى جبرئيل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، فلحقاها في الطريق ففتشاها فلم يقدرا على شيء معها، فأقبلا راجعين فقال أحدهما لصاحبه: والله ما كذبنا ولا كذبنا ارجع بنا إليها، فسلا سيفهما، ثم قالا، لتدفعن علينا الكتاب أو لنذيقنك الموت، فأنكرت ثم قالت: أدفعه إليكما على أن لا ترداني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبلا ذلك منها