فصلى بأصحابه الظهر إماما، فهممنا أن نغير عليه ثم لم يعزم لنا، وكانت فيه خيرة فاطلع على ما في أنفسنا من الهجوم به، فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف، فوقع ذلك مني موقعا وقلت: الرجل ممنوع - وافترقنا، وعدل عن سنن خيلنا وأخذ ذات اليمين، فلما صالح قريشا بالحديبية ودافعته قريش بالبراح١ قلت في نفسي: أي شيء بقي؟ أي المذهب إلى النجاشي، فقد اتبع محمدا وأصحابه آمنون عنده، فأخرج إلى هرقل فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية فأقيم مع عجمها أو أقيم في داري فيمن بقي؟ فأنا على ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية وتغيبت فلم أشهد دخوله، وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية فطلبني فلم يجدني، فكتب إلي كتابا فإذا به: "بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك ومثل الإسلام يجهله أحد وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي الله به، فقال: ما مثل خالد يجهل الإسلام ولو كانت نكايته وحده مع المسلمين على المشركين لكان خيرا له
١ بالبراح: البراح مثل سلام: المكان الذي لا سترة فيه من شجر وغيره. المصباح المنير ١/٥٩. ب