للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمير المؤمنين في سنة ست وخمسين ومائتين فعمل القبّة التي إلى جانب بيت الشراب، وأخرج قصب خالد هذه التي من رصاص، التي كان عملها لسليمان بن عبد الملك، فأصلحه وجعله في سرب الفوّارة التي يخرج الماء منها من حياض زمزم، تصبّ في هذه البركة، وقد فسرنا عملها في موضعها (١).

وقد كان أهل مكة فيما مضى قد ضاقوا من الماء ضيقا شديدا، حتى كانت الراوية تبلغ في الموسم عشرين درهما أو أكثر، وفي سائر السنة نصف دينار، وثلث دينار، ونحو ذلك. فأقاموا بذلك حينا، حتى أمر أمير المؤمنين هارون بعيون معاوية بن أبي سفيان الدوائر، فعملت وجمعت وصرفت في عين واحدة يقال لها: الرشا، وتسكب في الماجلين اللذين أحدثهما هارون أمير المؤمنين، ويعرفان اليوم: بماجلى (٢) هارون، بالمعلاة، ثم تسكب في البركة التي عند باب المسجد الحرام/.فتوسع الناس في ذلك بعض السعة، وكانوا إذا انقطع من هذه العيون شيء في شدة من الماء.

فبلغ ذلك أمّ جعفر-زبيدة (٣) بنت أبي الفضل جعفر بن أمير المؤمنين- وقيل لها: إنّ أهل مكة في ضيق من الماء وشدة، فأمرت بعمل بركتها هذه التي بمكة. فأجرت لها عينا من الحرم، فجرت بماء قليل لم يكن فيه ريّ لأهل مكة ولا فضل، وقد غرمت في ذلك غرما كبيرا، فبلغها ذلك، فأمرت المهندسين أن يجروا لها عيونا من الحل.

وكان الناس يقولون: إنه لا يدخل ماء الحلّ إلى الحرم، لأنه يمر على


(١) أنظر ص (١٤٥) من هذا المجلّد.
(٢) الماجل هو: الصهريج من الماء. وهذان الماجلان لا يعرفان اليوم، إلاّ أن الفاسي ذكر في شفائه ٢٩٦/ ١ أنّهما في أغلب ظنّه يشكلان (بركتي الصارم) اللتان كانت إحداهما ملاصقة لسور مكة في المعلاة، ويمكن القول إنّ موضعهما يقابل بناية البريد المركزي الآن على يسارك وأنت نازل إلى مكة.
(٣) أنظر ترجمتها في تاريخ بغداد ٢٣٣/ ٤،والعقد الثمين ٢٣٦/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>