للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويأخذون الفريضة من غير موضعها، ويضعونها في غير أهلها، وقد سمّى الله -تبارك وتعالى-أهلها، فجعلهم ثمانية أصناف، فقال-تبارك وتعالى- {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ، وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (١).فأقبل صنف تاسع ليس منها، فلم يرض أن يكون كأحدها حتى أخذها كلها، فقلت له: إنّ ليس لك فيها حقّا، أفلا ترضى أن تكون فيها كمن له فيها حقّ؟ فأبى الا أخذها كلها. فأقبلنا عليكم، فقلنا: أعينونا عليهم، وقلتم: سلطان ولا نقوى عليه. فعذرناكم بذلك، ثم استدرتم إليه، فأعنتموه على أخذها، فلا أنتم إذ غلبكم تركتم عونه،-فأنتم تعلمون ظلمه- حتى صرتم له أعوانا على أخذها والظلم فيهم، تلكم الفرقة الحاكمة بغير ما أنزل الله-عزّ وجلّ -وقد شهد لكم يا أهل مكة في حكمه أصابتكم في زمن هشام بن عبد الملك، فكتب إليهم بكتاب أرضاكم فيه، وأسخط‍ الله-عزّ وجلّ -عليه، فقال: قد تركت لكم صدقاتكم في عامكم هذا، فزاد فقيركم الذي جعل الله-عزّ وجلّ -له ذلك فقرا، وزاد غنيّكم غنى، فقلتم: جزاه الله خيرا، فلا جزاه الله خيرا، ولا أثابكم خيرا. أمّا هذه الشيع فشيع تظاهرت بكتاب الله-عزّ وجلّ -وأعظمت الفرية على الله-تعالى- لم يفارقوا الناس ببصر ناقد في الدين، ولا علم نافع في القرآن، ينقمون [المعصية] (٢) على أهلها، ويعملون إذا ولّوا بها، ينصرون الفتنة ولا يخرجون منها، جفاة عن الدين، أتباع كهان، يؤمّلون الدولة في بعث الموتى، ويوقنون ببعث إلى الدنيا قبل يوم القيامة، قلّدوا دينهم من لا ينظر إليهم


(١) التوبة (٦٠).
(٢) في الأصل (الغضبة) وصوبتها من البيان والتبيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>