للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نقل أبو الحسن الأشعري إجماعهم على أن كل كبيرة كفر إلاّ طائفة النَّجْدات فيما ذكره عنهم أبو الحسن الأشعري (١)، ولكن المتأمل فيما أورده الأشعري بعدُ حين بسطه لمقالات فرق الخوارج، فإنّه ذكر مقالة للنجدات يتبين منها موقفهم من مرتكب الكبيرة، يقول أبو الحسن الأشعري (وزعموا أنَّ من نظر نظرة صغيرة، أو كذب كذبة صغيرة ثم أصرّ عليها فهو مشرك، وإن من زنى وسرق وشرب الخمر غير مصر فهو مسلم) (٢)

فما ساقه الإمام أبو الحسن - رحمه الله - عنهم يتجلى فيه أمران:

الأول: أنهم يوافقون عامة الخوارج في تكفير مرتكب الكبيرة إذا أصرّ، فهم وإن خالفوهم في كون مجرد المقارفة توجب الكفر، إلا أنهم مجمعون جميعًا على أن الإصرار على الكبيرة يعد كفرًا فخلافهم حينئذ يؤول إلى وفاق.

الثاني: أنهم فاقوا بَقيَّة الخوارج في الضلالة حيث جعلوا مجرد الإصرار على الصغيرة توجب خروج صاحبها من الإيمان إلى الكفر = وعلى هذا فكأن جميع فرق الخوارج تصير إلى تكفير مرتكب الكبيرة. والخلاف في ذلك صُورِيٌّ فيما يظهر (٣) .

ولم يكن مكمن ضلالهم هو إِدخالهم العمل في مسمى الإيمان، فإن هذا ما نطقت به الدلائل الشرعية وهو الحق الذي لا مرية فيه =وإنَّما سبب خطأهم استنادهم مع قولهم بدخول العمل في الإيمان إلى دعوى استحالة التفاوت، وهي دعوى باطلة -كما سيأتي بيان ذلك بحول الله-.


(١) انظر: "مقالات الإسلاميين"لأَبي الحسن الأَشعري (٨٦)
(٢) "المصدر السَّابق" (٩١) وانظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (١٤٢ - ١٤٣)
(٣) انظر: "أصول المخالفين" (١٣٥)

<<  <   >  >>