للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تدخل في الأجسام، ولذلك صار عَرَضٌ أَكثرَ من عرض، وسَوَاد أكثر من سوادٍ) (١)

ومع ما افترض من التنزُّلِ باعتبار الإيمان من قبيل المُشَكِّك =إلَاّ أنَّ هذا التنزُّل لم يصادف قَبولًا، لذا رُدَّ هذا التوجيه ولم يُقبل، وذلك بأن منع بعضُ المتكلِّمين أن يكون ذلك التفاوت في الإيمان الحاصل في الأفراد =واقعًا في ماهية المُشكك، فعادوا إلى قضية الماهية مرَّةً أُخرى!!

يقول صاحب المسامرة: (ولو سَلَّمنا بثبوت ماهيَّة المشكك فلا يلزم كون التفاوت في أفراده بالشِّدة فقد يكون بالأوّليَّة، وبالتقديم والتأخير، ولو سلّمنا أن ما به التفاوت في أفراد المشكك شدة: كشدة البياض الكائن في الثَّلج، بالنسبة إلى البياض الكائن في العاج، مأخوذ في ماهية البياض بالنِّسبة إلى خصوص محل كالثلج = لا نُسلِّم أَنَّه يتفاوت بمقوِّمات الماهيَّة أي أجزائها، بل بغيرها) (٢)

هذا غاية ما ذهب إليه المتكلمون من مصادمة ما دلت عليه النُّصوص؛ لتسلم لهم أصولهم المبنية على أصول المنطق.

وبعد أن استبان بطلان ما ذهبوا إليه من دعوى مناقضة الضرورة العقلية لما دلت عليه تلك الأحاديث الصحيحة =يتجه الحديث لإبطال ما وجّهوا به الأحاديث المساقة قَبلُ، ومُحصَّل ذلك:

أولا: جعلهم إطلاق الإيمان على الأَعمال من باب التجوُّز الجاري في لسان العرب فالعمل من قَبِيل الأَثَر، والمسبَب، والتصديق: المبدأ، والسَّبب.


(١) "عارضة الأحوذي" لابن العربي (١٠/ ٨٤) وانظر: " الحجة في بيان المحجة" للإمام الأصفهاني (١/ ٤٣٩)، ومجموع الفتاوى (٧/ ٥٦٤)
(٢) "المسامرة" (٣٠٩)

<<  <   >  >>