للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ترويه الأحاديث عن أن محمدًا عليه الصلاة والسلام سوف يُخرِج من النار كلَّ من قال لا إله إلا الله. . . هكذا يقول الحديث، وهو ما يخالف صريح القرآن. فالقرآن يقول في محكم آياته: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} النساء: ١٤٥) (١)

وقد انتظم كتابُه هذا فَواقِرَ لا تحصى؛ ليس من حظ هذه المباحث تقصّيها والكشف عنها.

وأما الفريق الآخر، وهم الوعيدية، فإنهم أقرّوا بأصل الشفاعة، وأنكروا بعض متعلقاتها. ويتمركز هذا الإنكار في نفي الشفاعة لأهل الكبائر، وقصروا نفعها على المطيعين والتائبين، وحصروا أثرها على رَفْعِ الدَّرَجَاتِ، وزيادة المَثُوبات. وفي بيان ذلك يقول القاضي عبد الجبار: (أمَّا قولنا في إثبات الشفاعة فهو معروف، ونزعمُ أن من أنكره أَخطأ الخطأ العظيم؛ لكنا نقول: لأهل الثواب دون أهل العقاب، ولأولياء الله دون أعدائه، ويستشفع - صلى الله عليه وسلم - في أن يزيدهم تفضيلًا عظيمًا) (٢)

ويقول السَّالمي: (شفاعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - مقصورة على التقيّ من المكلَّفين. والتقي هو: مَن جَانَب المحرّمات، وأدّى الواجبات. فلا شفاعة لغيره من الأشقياء (٣) ولا يظن من قَصْر حصول الشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - للمتقي دون أهل الكبائر = تجويزهم شفاعة الشفعاء من الملائكة وغيرهم في أهل الكبائر؛ لأنَّهم إنَّما خصّوا (شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالذكر دون شفاعة غيره = لأنَّه من لم تنفعه شفاعته؛ لم تنفعه شفاعة غيره بطريق الأَولى) (٤)


(١) "المصدر السابق" (٢٤)
(٢) "طبقات المعتزلة" (٢٠٧)، وانظر: "شرح الأصول الخمسة" (٦٩٠)
(٣) "مشارق أنوار العقول" (٣٧٤)
(٤) المصدر السابق (٣٧٥)

<<  <   >  >>