للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبر نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وقبر غيره من الأنبياء والصالحين، وأنّ نقيض هذا الإجماع هو المستقرّ الثَّابت الذي لا يُعلَم خلافُه، والذي نطق به الحديث، وفهمه الصحابة، ونصّ عليه المتقدمون من الأئمة.

القضية الرابعة: كَوْنُ القصر في الحديث قصرًا إضافيًّا. فيُقالُ: قد تقدّم سَوْق آثار الصَّحابةِ الَّذين فهموا أَنَّ القصرَ في الحديث هو قصْر حقيقيّ، لا إضافيّ: تقدير في المستثنى منه بأعم العام؛ كما صرّح بذلك في البدء الحافظُ ابنُ حجر، ولا يضير رجوعه بعد ذلك إلى تقرير أَنَّ المستثنى منه خاصّ يُقدَّر بالمساجد؛ ذلك أن عمدته وعمدةَ كلّ من جعل القصر في الحديث قصرًا إضافيًّا (١) -فيما يظهر-: اعتمادُهم على المرويّ عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، أنه قال: (لا يبنغي للمطيّ أن تشدّ رحاله إلى مسجد يبتغى فيه الصلاة غير المسجد الحرام) (٢)

فسندُ احتجاجهم بهذه الرواية تصريحُها بالمستثنى منه الذي خلت منه جميع الروايات الواردة في هذا الباب. وهذه الرواية لا يُحفَل بها؛ لعلّتين:

الأولى: أنّ آفتها من جهة الإسناد: شهر بن حوشب، والراوي عنه عبد الحميد بن بهرام، وقد قال فيهما الحافظُ ابنُ عَديّ بعد أن أورَد للأوّل بعضًا من الأحاديث التي انتُقِدت عليه: (ولشهر بن حوشب غير ما ذكرتُ من الحديث، ويروي عنه عبد الحميد بن بهرام أحاديث غيرها = وعامّة ما يرويه هو وغيره من الحديث فيه من الإنكار ما فيه. وشهرٌ هذا


(١) انظر: " طرح التثريب " للعراقي (٦/ ٤٣) الدُّرر السَّنية في الرد على الوهابية " أحمد زيني دحلان (٦)،و" مفاهيم يجب أن تُصحَّح " لمُحمَّد علوي المالكي (٢٦١)، و"المهنَّد على المفنّد"لخليل بن أحمد السهارنفوري (٤٧)
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٦٤)،وعمر بن شبّة في "تاريخ المدينة"،وعنه " الأخنائية"لابن تيمية (١١٥ - ١١٦)،ولم أظفر به في تاريخه، وقال الهيثمي: (هو في الصحيح بنحوه، وإنّما أخرجته لغرابة لفظه، وشهر فيه كلام، وحديثه حسن) "مجمع الزَّوائد" (٤/ ٣)

<<  <   >  >>