إلى قبر نبي أو غير نبي؛ وفَىَّ بنذره؛ بل نصّوا على أنه لا يوفي بنذره. ليس بين الأئمة الأربعة وغيرهم من نُظَرائهم خلافٌ في ذلك. بل كلّهم متفقون على أنّه من نذر السفر إلى قبر نبيٍّ - أيّ نبيٍّ كان - أو قبر صالحٍ؛ أنّه لا يوفي بنذره. ومالك - رحمه الله - إذا كان نصّ على ذلك في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فسائرُ الأئمة يوافقونه، وهم أولى بذلك منه) (١) .
وأما قول " الدجوي ": (فإنّ الأصل: أنَّ الشيء يستثنى من جنسه ... القريب ... ) الخ.
فيقال: هذه دعوى كأخواتها السابقات!! فأين الدليل الذي ينصّ على هذا الأصل؟ ومَنْ مِنْ أئمة اللغة نطق بذلك؟
فالذي يقال هنا: إنَّ التقدير خاضعٌ للقرائن التي بها يستدلُّ النَّاظر على عموم المقدَّرِ أَو خصوصه. وفي مسألتنا هذه، قد وُجِدت القرينة الدَّالّة على عموم جنس المستثنى منه؛ هذه القرينة هي فَهْمُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهُمْ مَنْ هُمْ في فهْمِ مقاصد أحاديثه عليه الصلاة والسلام.
وعلى القول بالتسليم بصحّة هذا الأصل؛ فهنا أمران:
الأول: أن يقال - على فرض التسليم-: إنَّ الأصل أنَّ الشيء يُستثنى من جنسه القريب؛ إلَاّ أن ذلك لا يمنع من صحة الخروج عن مقتضى هذا الأصل، إذا تحقّق ما يوجبُ ذلك.
الثاني: أنه إنْ سُلِّم أن الأصل ما ذُكر، فقد تقدّم أنّ دخولَ غيرِ المساجد من البقاع والمواطن في حكم النهي عن شدّ الرحال إلى مسجدٍ غير المساجد الثلاثة مُنتزَع من دلالة " تنبيه الخطاب ".
وأما قوله:" فإذا قلنا: ما مات إلاّ زيدٌ. كان معناه: ما ماتَ إنسانٌ إلاّ زيدٌ. وليس معناه: ما ماتَ حيوانٌ إلاّ زيدٌ. ومَنْ فهم ذلك كان من الحيوانِ لا من الإنسان "!!