للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يُتَوصَّلُ إلى المطلوبِ إلاّ به فهو مطلوب. وهذا أخصّ من ذلك) (١)

فتقرّر من ذلك: أنّ الوسائلَ لها أحكامُ المقاصد (هذا هو الأَصل الذي لا يُنتقَل عنه إلا بدليل على غيره، أو معارِضٍ فيه) (٢)

وقد جاء الدليل هنا المُسْتثْنِي لشدّ الرحال من عموم الوسائل المشروعة لزيارة القبور. وعِلّة ذلك - والله أعلم -: سَدًّا لذريعة الاعتقاد في الأموات، والغلوّ فيهم.

يقول الإمام الدَّهلوي مبيِّنًا عِلّةَ نهْي الشَّارع عن شدِّ الرحال إلى غير المساجد الثلاثة: (ومنها - أي: من مظانّ الشرك التي كان أهل الجاهلية عليها -: الحجّ لغير الله تعالى، وذلك بأن يقصد مواضع مُتبركة، مختصّة بشركائهم؛ يكون الحلول بهم تقرُّبًا من هؤلاء = فنهى الشَّرعُ عن ذلك. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد) (٣)

فمَن رمى المانعين من هذه الوسيلة بالتناقض فقدْحُه - عند التحقيق - للنَّص، لا للمانعين؛ لأنهم إنما منعوا وقوفًا عند نواهي الشارع الذي يعلم ما يتمّ به تحصيل مراضِيَه، وما لا يتمّ. ولا يهيض قوة ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة تلك الأسجاعُ الواردةُ في كلام الإخنائي؛ فلم يبنِ اعتراضَه على أصولٍ يُعوّل عليها. يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - ردًّا على الإخنائي فيما ادّعاه:

وأمّا قوله: (إن الزيارة إذا كانت جائزة فالوسيلة جائزة؛ فيجوز السفر

فيقال له: هذا باطلٌ؛ فليس كل ما كان جائزًا، أو مستحبًّا، أو واجبًا = جاز التَّوسُّل إليه بكل طريق؛ بل العموم يدعى في النهي فيما


(١) "القواعد"للمقّري (٢/ ٣٩٣)
(٢) المصدر السابق (٢/ ٣٩٤)
(٣) " حجة الله البالغة "للدهلوي (١/ ٢١٨) والحديث تقدّم سوقه في المطلب الأَوَّل.

<<  <   >  >>