للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذِبٌ عليه وعلى الله؛ وهذا من أقبح التنقّص) (١)

ثم؛ إن شد الرحال إلى قبره لو كان تعظيمًا؛ لكان ممّا لا يتمّ الإيمان إلاّ به، ولكان فرضًا متعيّنًا، ولما فرّط السابقون الذين هم من أسرع الخلق لتحصيل الخيور، وإصابة الأجور.

لازمُ ذلك: أن المخالفين أعلمُ بأبواب البرّ والأجر من السابقين.

فانظر كيف تضمّن قياسُهم الفاسد صنوفًا من المراغمة والمحادّة للنصوص، والإزراء بأولياء الله المتقين.

الاعتراض الثالث: قولهم: لا يمكن أن تكون زيارةً منفكّة عن الحركة من مكان إلى مكان؛ فالزائر لا يطلق عليه زائرٌ إلاّ بعد حركته، وانتقاله، وخروجه عن محلّه، وارتحاله ...

فالجواب عنها: أن يقال: العقلاء يفرّقون بين شدّ الرحال إلى بقعة، وبين الزيارة المجرّدة عن شدّ الرحال؛ فإن الأوّل يقتضي سفر الزائر وتكلف الزيارة، بخلاف الزيارة المجردة عن ذلك، التي لا تعدو أن تكون نقل الخُطا لزيارة قبره - صلى الله عليه وسلم -، أو بغير سفرٍ لها.

يقول شيخ الإسلام - رحمه الله -: (وأمّا نقل الخُطا إلى المساجد فهو إتيانٌ لها بغير سفر؛ وهذا مشروعٌ. فهذا نظير نقل النبي - صلى الله عليه وسلم - خطاه إلى زيارة أهل البقيع؛ فإن ذلك عملٌ صالحٌ. وكذلك الزيارة المستحبة من البلد نقلُ الخُطا فيها عملٌ صالحٌ) (٢)

ويقول الإمام زين الدين العراقي - رحمه الله - مبينًا عدم التناقض بين زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقباء، وبين نهيه عن شدِّ الرِّحال إلى مسجد سوى المساجدِ الثلاثة: (ولا ينافي هذا خبر لا تُشَّد الرحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد؛ لأنَّ


(١) " الصارم المنكي "للإمام ابن عبدالهادي (٣٣٢)
(٢) المصدر السابق (٤٣٠)

<<  <   >  >>