للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقتلُ، ومنه ما يُفرِّق بين المرء وزوجه، إلى غير ذلك من الآثار التي يُحْدثُها بإذن الله تعالى.

ثانيها: أنّ لحوقَ ضَرَرهِ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُتحقِّقٌ وجودًا، وثابتٌ شَرْعًا، والعقل لا يدفع ما ثبَت شرعًا، ولا يرفَعُ ما تحقَّق وجودًا.

ثالثها: أنَّ تأثير السِّحرِ فيه - صلى الله عليه وسلم - ليس بأكثر من تأثير عَوارضِ الأَسْقامِ والسُّمِّ به، وليس في لحوق أَثره ما يَخْرِمُ العِصمةَ، ولا ما يدفع فضِيلته.

وتفْصيل ما أُجمل يتحرّر بالآتي: دليل أَهل السُّنّة والجماعة في ثبوت السحر، وأَنَّ له حقيقة؛ هو مجموع علمين ضَروريين:

العلم الناتج عن الأدلة الشَّرعيَّة. والعلم المستند إلى الضَّرورة الحسِّية.

فأمّا الأول: فقد انعقد الإِجماعِ على ذلك، ولم يُعرف له مخالف ممن يُعتدُّ بقوله إلَاّ ما يحكى عن الإمام أَبي حنيفة -رحمه الله-.

وممن نقل الإجماع على ذلك:

- الإمام الوزير ابن هبيرة حيث قال: (وأجمعوا على أنّ السحر له حقيقة، إلَاّ أبا حنيفة فإنه قال: لا حقيقة له عنده .. ) (١)

- والإمام ابن القطّان - رحمه الله - حيث جاء في كتابه: (وأَجمعوا على الإيمان أَنَّ السِّحر واقع، و على أَنَّ السحرة لا يضرُّون به أَحدًا إلَاّ بإذن الله) (٢)

- والإمام محمد بن أحمد القرطبي - رحمه الله - حيث قال: (فهو مقطوع به بإخبار الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على وجوده ووقوعه، وعلى هذا أَهل الحل


(١) " الإِشراف على مذاهب الأَشراف " نقلًا عن تفسير ابن كثير (١/ ١٧٥)
(٢) "الإقناع في مسائل الإجماع" (١/ ٩٣)، وقد وقع في الأصل: وأجمعوا على أن الإيمان واقع " فاستظهر محقق الكتاب سقوط لفظة "السحر"، وأن الصواب ما أثبته.

<<  <   >  >>