للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون من جِنْس الخاطر يخطرُ و لا يَثْبت .. ) (١)

وصدور الظنِّ منه - صلى الله عليه وسلم - فيما يتعلّقُ بأمر الدُّنيا ليس بمتتنع وليس هو مما يقدح في عصمته فقد ثبت مثل هذا الظنِّ في واقعة تأبير النَّخل حيث ظنَّ أنّ النخل لايحتاج إلى تأبير (٢).

وكظنِّه - صلى الله عليه وسلم - بعد أنَّ صلى ركعتين أَنَّه صلَّى أَربعًا (٣)؛ فكما أَنَّ هذا الظن الوارد عنه في قضيتي تأبير النَّخل، والسَّهو لايقدح في عصمته - صلى الله عليه وسلم - =فكذلك ظنّه بسبب أَثر السِّحر بأنّه يفعل الشيء ولا يفعله لا يقدح في أَمر العصمة. فتجويز الأَوّل دون الثَّاني تحكُّم.

وقد أَوردوا على جهة الاعتضاد لتدعييم دعواهم لإبطال ماثبت في الصحيحين، ما احتجّوا به من الآيات كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٦٧)} المائدة. من جهة أَنَّ الواردَ في الحديث لا يقوى على معارضة القرآن.

فيقال: ردُّ الحديث لمخالفته للقرآن، لا يتأتَّى إلَاّ بعد توفَّر شَرْطَين:

الأول: أن تكون الآية دلالتها قطعية، والحديث لم يَرْقَ إلى درجة القطعيَّة في دلالته، فيقدم الأوَّل من جهتين: الأولى: لقطعية ثبوته، والثانية: لقطعيَّة دلالته.

الشرط الثاني: أن يتعذَّرَ الجَمْعُ بين الدليلين، فإن لم يتعذّر فقد


(١) "فتح الباري"لابن حجر (١٠/ ٢٧٨)
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب "الفضائل" باب"وجوب امتثال ماقاله شرعًا ... " (٤/ ١٨٣٥ - رقم [٢٣٦١])
(٣) أخرجه مسلم كتاب "المساجد" باب "السهو في الصلاة، والسجود له" (٢/ ٤٠٣ - رقم [٥٧٣])

<<  <   >  >>