للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأدلّة عليه ممّا قد يوهم خفاءه، وعدم جلائه؛ وإِنَّما المقصود هو الكشف عن هذا الوضوح لمن غامَ أُفُقُه، وأضحت الدلائل الجليّات في منزلة المعمّيات، والحقائق الواضحات كالمشتبهات!

وأمّا زعمُه أنّ مقتضى هذه العصمة: أن يوضَع النبي - صلى الله عليه وسلم - في منزلةٍ أعلى من سائر البشر ... إلخ.

فيقال: هذا ما يعتقدُه أهل الإيمان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ الخلق؛ كما أخبر هو عن نفسه، فقال: (أنا سيّد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ فمن سواه إلاّ تحت لوائي، وأنا أول من تنشق الأرض عنه ولا فخر) (١)

والبراهين الدالّة على تفضيله على جميع الخلق كثيرة، قد بَسَط الكلامَ عليها الأئمة - رحمهم الله - (٢)، وجهْلُ " حسن حنفي "؛ لا يضرّ، ولا يقْدحُ في صحّتها وثبوتها.

ولا يلزم من ثبوت إسلام شيطان النبي - صلى الله عليه وسلم - نفْيُ وقوع ذلك لغيره من الأنبياء والرسل؛ لكن يبقى الأمر متوقفا على ثبوته؛ فإن لم يثبت عُلِم اختصاص النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك عن سائر إخوانه عليهم السلام، ولا يبعُد ذلك في حقِّه - صلى الله عليه وسلم - مع كون الدليل نصّ بذلك -؛ لأمرين:


(١) أخرجه أحمد في "المُسند" (٣/ ٣٦٧ - رقم [١٠٦٠٤])، و الترمذي في "جامعه"كتاب "التفسير"، باب "ومن سورة بني إسرائيل" (٥/ ٢٨٨ رقم-[٣١٤٨])، وابن ماجه في "السنن" كتاب "الزهد"، باب "ذكر الشفاعة" (٢/ ١٤٤٠ - رقم [٤٣٠٨]) و قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وحسّنه بشواهده الألباني في "السِّلسلة الصحيحة" (٤/ ١٠٠ - رقم [١٥٧١])
(٢) انظر - على سبيل المثال -: "الفتاوى الحديثية"لابن حجر الهيتمي (٢٥٣)، و"رسالة في تفضيل نَبيِّنا على سائر الأَنبياء عليهم السلام"لابن كمال باشا، و"الدلائل العقلية على ختم الرسالة المحمدية"، للعلامة محمود شكري الآلوسي (٤٣٤ - ٤٤٧)، و: "خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - "، لابن الملقّن، و: "دلالة القرآن المبين على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل العالَمين"، لعبد الله الغماري، و "كشف الغُمّة ببيان خصائص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأمّة"لأَبي الحسن مصطفى بن إِسماعيل (٣٣ - وما بعدها)

<<  <   >  >>