الأول: لِمَا تقرّر من تفضيله على جميع البشر؛ فيكون " إسلام شيطانه " زيادةً في التفضيل، وتكرمةً له - صلى الله عليه وسلم -.
الأمر الآخر: أنه عليه الصلاة والسلام مبعوثٌ للثقلين، وكان الرسول من قبلُ يُبعَثُ إلى قومه خاصّة فلا يبعد أن يكون تخصيصه بذلك - - صلى الله عليه وسلم - - زيادةَ عنايةٍ وحِفْظٍ؛ لمُعاناتِه دعوةَ الخلق جميعًا. فتكون هذه المزية لزيادة تكليفه عن تكاليف باقي الرسل عليهم السلام. وثبوت اختصاصه بذلك لا يلزم منه التنقُّص من قدْر إخوانه من سائر الأنبياء - عليهم السلام -؛ فاعتقاد هذا اللازم لا يقوله مسلم، وقد قال الله تعالى مثبِتًا أصل الفضل: ... {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} البقرة: ٢٥٣، وقال:{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} الإسراء: ٥٥
فثبوت التفضيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقتضي نَفْي الفَضْلِ عن غيره من رسل الله عليهم السلام. وهذا الاعتراض، لايفتقر إلى جواب لظهوره؛ وإِنَّما جرى الكلام فيه للكشفْ عن أَغاليط " حسن حنفي ".
ثمّ إنّه أعْمَل يدَ التحريف في حديث شقّ الصدر؛ بأن جعل شق صدره - صلى الله عليه وسلم - لاستنزاع الشيطان، في حين أن لفظ الحديث:" حظ الشيطان ". وفرقٌ بين اللفظين؛ كما هو واضح.
وإِنَّما صنَع ذلك ليتمَّ له غَرَضُه؛ من اختلاق التناقض بين هذا الحديث، وبين حديث إسلام شيطانه - صلى الله عليه وسلم -. وهذا صنيع من لا ينشد الحقَّ، ويبتغي الهُدى.
ولزيادةِ نفْي التناقض المدَّعَى؛ يقال:
إنّ هذه العلقة المستخرَج من قلب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - التي قيل له عندها:" هذا حظّ الشيطان " - فيما يظهر - والله أعلم: هي منفذ , ومركز إغواء الشيطان في بني آدم، فبانتزاعها منه - صلى الله عليه وسلم - ينظّف طريق الوحي إلى قلبه، ويأمن النبي - صلى الله عليه وسلم - من تسلُّط الشيطان عليه بالإغواء والتضليل؛ لكن انتفاء