للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا ينظر في المتن أيضًا مع الإسناد، فإن وجدت قبيحة في المتن فلا يصح أن يصرَّ على صحته بلا طائل.

وهذا الحديث الذي ذكرت فيه الكذبات آنفًا (١)، ولا يطلق الكذب على قوله هذا رجلٌ قليل العقل والفهم في هذا السياق، فضلًا أن تتوقع - معاذ الله - عدم فهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إيَّاه.

وأما قوله {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩)} الصافات. فلا يثبت كونه كذبًا، إلى أن لا يَثْبُت أن إبراهيم - عليه السلام - كان صحيحًا معافىً حينئذٍ حقًا، ولم يكن يشتكي بأدنى شيء من المرض

وهذا لم يذكر في القرآن، ولا في أيِّ روايةٍ معتبرة غير هذه الرِّواية التي نحن بصدد البحث فيها.

أما قوله في زوجته "سارة" "إنها أختي" فهو بنفسه أمر مهمل، يحكم عليه الإنسان بمجرد سماعه أنّه لا يكون الواقع أبدًا.

يحكى أنه حدث حينما سافر إبراهيم - عليه السلام -. مع زوجته إلى مصر، وكان إبراهيم حينئذٍ حسب بيان الإنجيل، ابن خمسة وسبعين عامًا، وكانت سارة بنت خمسة وستين عامًا، أو ما يزيد ويخاف إبراهيم في هذا العمر أن ملك مصر سيقتله لأجل هذه المرأة الوسيمة، ويقول لزوجته: إن أخذك المصري، ويذهب بك إلى الملك، فقولي: "إنه أخي"، وأقول: إنها أختي، لتنجو نفسي من القتل [الولادة، باب ١٢].

أساس الكذبة الثالثة في هذا الحديث على هذه الرواية الإسرائيلية المهملة اللاغية الصريحة) (٢)

فهذه أبرز المطاعن التي وجهت لهذا الحديث.


(١) وهي قول إبراهيم: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ... قد ذكر المودودي في تفسيره، بأنه لم يرد بذلك الكذب، بل قاله إقامة للحجة عليهم.
(٢) تفهيم القرآن (٣/ ١٦٧ - ١٦٨) نقلًا عن زوابع في وجه السنة (١٦٨ - ١٧٠)

<<  <   >  >>