للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: (فإن قلت: روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ما كذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ...

قلت: هذا من أخبار الآحاد، فلا يعارض الدليل القطعي الذي ذكرناه، ثم إنَّ صحَّ حمل على ما يكون ظاهره الكذب ... ) (١)

ويقول أبو الأعلى المودودي (لسوء الحظ ورد في روايةٍ من الرِّوايات أن إبراهيم عليه السلام، كذب في حياته ثلاث كذبات:

إحداها: قوله: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ (٦٣)} الأنبياء.

والثانية: قوله: {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (٨٩)} الصافات.

والثالثة: قوله في سارة: إنها أختي"، وهي لم تذكر في القرآن، بل ورد ذكرها في باب الولادة من الإنجيل.

فرقةٌ تغلو في عبودية الرِّواية إلى أن يعزَّ عليها صدق عدة رواة من الصحيحين للبخاري ومسلم ولا تبالي بأن تثبت بذلك تهمة الكذب في حق نبي من الأنبياء.

وفرقةٌ تهجم على ذخيرة السنَّة كلِّها بسبب هذه الرواية، وتقول برفض جميع الأحاديث لوجود مثل هذه الروايات.

ولا يلزم من وجود بعض النقائض في رواية، أو عِدَّة روايات أن تُرفض كلّها.

ولا يلزم في صِحَّةِ إسناد الرِّواية من وجهة علوم الحديث، أن تُسلَّم لا محالة مهما كان متنها محل النقد والاعتراض.

وعلى الرّغم من قوة الإسناد، وجدارته بالقبول يمكن أن توجد هناك أسبابٌ كثيرةٌ يُنقل لأجلها متن من المتون بصورة خاطئة، ويحتوي على مواد تصرخ قبائحها، بأنَّها لا يمكن أن تكون من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -،


(١) "عصمة الأنبياء"للرَّازي (٤٢)

<<  <   >  >>