للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون الله قد أذن له بذلك (١) وهذا القول ذهب إليه ابن عقيل الحنبلي - رحمه الله -. (٢)

وقد ضَعَّف هذا القولَ الأئمَّةُ ولم يرتضوه، وسبب تَضْعيفِهم له أنَّ الإشكال قائمٌ في علة صدور سبب الامتحان من موسى - عليه السلام -، وممَّن ضعف هذا القول الإمام القرطبي - رحمه الله - حيث قال: (ومنهم من قال: كان ذلك ابتلاءً وامتحانًا لملك الموت، فإنَّ الله يمتحنُ خلقه بما شاء = وهذا ليس بجواب فإنَّه إِنَّما وقع الإشكال في صدور سبب هذا الامتحان من موسى، وكيف يجوز مثل هذ؟) (٣)

الثاني: أنَّ العينَ التي فقأها موسى - عليه السلام - عين متخيلة لا حقيقة. وهذا القول ذهب إليه ابن قتيبة - رحمه الله - (٤) .

وهذا القول إن أَراد به الإمام ابن قتيبة أن العين التي فُقأت ليست هي العين التي ركَّبَها الله في أصل خِلْقة المَلَك، وإِنَّما هي العين البشرية التي جاء الملك في صورتها= فهذا هو ما يدلُّ عليه ظاهر الحديث.

وأمَّا إن كان مراده - رحمه الله - أنَّ العين التي فُقِأت هي عين متخيله ليست متجسدة ولا محسوسة = فهذا يبعد فَهمُه من الحديث، وظاهر الحديث بخلافه؛ لأنَّ في الحديث (فردَّ الله إليه عينه) مما يدلُّ أَنَّها العين المحسوسة التي جاء الملك في صورتها، وقد أنكر الإمام القرطبي ما ذهب إليه ابن قتيبة، فقال: (وقد اختلفت أقوال علمائنا في تأويل الحديث.

فقال بعضهم: كانت عينًا مُتَخيَّلةً لاحقيقة، ومنهم من قال: هي


(١) انظر: "مشكل الحديث" لابن فورك (٣١٥)، و"شرح صحيح مسلم" للإمام النووي (١٥/ ١٢٩)
(٢) انظر "كشف المشكل" لابن الجوزي (٣/ ٤٤٣)، و"المفهم" للقرطبي (٦/ ٢٢١)
(٣) "المفهم" (٦/ ٢٢١)
(٤) "مختلف الحديث"لابن قتيبة (٣٣٥)

<<  <   >  >>