للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أَنّه إذا تعارض العقلُ والنَّقل أُخذَ بما دلَّ عليه العقلُ.

وبقي في النقل طَريقان:

[الأولى]: طريق التسليم بصحة المنقولِ مع الاعتراف بالعجزِ عن فَهْمِهِ، وتفويضِ الأمر إلى الله في علمه.

والطريق الثانيةُ: تأويلُ النَّقلِ، مع المُحافظةِ على قوانين اللُّغَةِ، حتّى يتّفِقُ معناهُ مع ما أثْبتَه العقلُ. وبهذا الأصلِ، الّذي قام على الكتابِ وصحيحِ السُّنّةِ، وعَمَلِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، مُهِّدت بين يدي العقل كل سبيل، وأزيلت من سبيله جميع العقبات) (١)

بل إنَّه يجعل النَّظَرَ في الحقائق مُقدَّمًا على الأَخْذِ بالدَّلائل الشرعيَّة، فيقول: (الواجب على كُلِّ ذي عقل أَن ينظرَ في الحقائق، ويسبُرها على وجه أدق، بحَسَبِ طاقته، ويُقيم البراهين القطعيَّة، على النَّفي والإثبات. ثُمَّ يأخذ ألفاظ الشَّارع مُسَلَّمة مقبولة، قائلًا: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٧)} آل عمران.

ولا يتعسَّف طريق التأويل؛ فإنَّ هذا حالٌ شَرحُه طويل؛ فإنَّا لا ندري ماذا أراد بما قال، فرُبَّما ذهب اشتغالنا هباء منثورًا. فالحقُّ أن لا يُهمل النَّظر، وأن يكون من التأويل على خَطر =وهذه رُتبة الرَّاسخين في العلم الذين وقفوا على الحقائق بصفاء عقولهم، ثم يقبلون ما جاءهم من ربهم، مع عدم الاستطلاع لما هو دفينٌ تحت حُجُب أستاره) (٢)

وأمّا نصر حامد أبو زيد فيأْبى أَن تكون النُّصوصُ الشَّرعية مرجعيّةً


(١) "الأعمال الكاملة للشيخ محمدعبده"لمحمد رشيد رضا (٣/ ٣٠١)
(٢) "حاشية الشيخ محمد عبده على العقائد العضدية" (٥٠١ - ٥٠٢)

<<  <   >  >>