للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: إن مما يدل على وَهَن هذه الرواية = أنّ عائشة - < - لم تحدّث به عن مشاهدةٍ؛ لأنها لم تكن زوجًا له - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الوقت؛ لذا قال الإمام أبو الخطاب بن دحية: (لم يَبنِ بعائشةَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بإجماع من جميع الطوائف إلَاّ بالمدينة تزوجها بمكة، وهي بنت ست سنين، وفي رواية بنت تسع سنين، والإسراء كان في أول الإسلام) (١) فتكون بذلك قد حدّثت به عن غيرها = فحينئذٍ فإنّ العدول عن روايتها التي حدّثت بها عن غيرها إلى خبر غيرها المؤيّد بالمشاهدة - كما نصّت على ذلك أمّ هانئ رضي الله عنها - هو المتوجّب في هذا المقام (٢).

الثالث: أن مما يدل على سقوط هذه الرواية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: هو أنّه قد ثبت أن عائشة تنكر أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ربّه (٣). ومن المعلوم أن إنكار رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربَّه عيانًا فرعٌ عن إثباتها لتحقّق الإسراء بجسده - صلى الله عليه وسلم -، وإلَّا لو كان الإسراء منامًا = لم تُنكِرْها (٤). هذا من جهة ما يتعلّق بالخبر المرويّ عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -.

وأما ما يتعلّق بالخبر المرويّ عن معاوية - رضي الله عنه - فهو أيضًا لم يصحّ؛ ذلك أن ابن إسحاق يرويه عن " يعقوب بن عتبة "، وهو وإن كان قد وثّقه بعض أهل العلم (٥)؛ إلا إن علة الحديث المقتضية لعدم قبوله = أن " يعقوب " يرويه عن معاوية - رضي الله عنه - ويعقوب لم يدركْ أحدًا من صحابة


(١) "الابتهاج" (٦٩)
(٢) انظر: "الشفا"للقاضي عياض (٢٠٨)
(٣) أخرجه البخاري، كتاب "التوحيد" باب " قول الله تعالى {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} " (٩/ ١١٦ - رقم [٧٣٨٠])، ومسلم كتاب " الإيمان " باب: "معنى قول الله عزوجل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} النجم" (١/ ١٥٩ - رقم [١٨٤])
(٤) انظر: "الشِّفا" (٢٠٨)
(٥) انظر: "التقريب"لابن حجر (١٠٨٩)

<<  <   >  >>