للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصل وقوع الإسراء والمعراج، و الأمّة في سالف زمانها ما كانت تعرف غيرَ ذلك. كلُّ ما في الأمر هو توقُّف ابن إسحاق - رحمه الله - في المسألة، مع عدم امتناع ذلك عنده؛ بل قد يقال إن ظاهر صنيعه؛ الميل إلى إثبات كون الإسراء بجسده أكثر من كونه منامًا منه - صلى الله عليه وسلم - ذلك أنّه قدّم الروايات الدالّة على ذلك قبل روايته عن عائشة وعن معاوية - {-، ثم عن الحسن البصري - رحمه الله -.

وأمّا ما رُوِي عن عائشة <، أنها قالت: (ما فُقِد جسدُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أسرى اللهُ بروحه)

فيقال: هذا الأثر لا يصحّ عنها؛ وذلك لأمور:

الأول: أن ابن إسحاق لا يُحتَجُّ بحديثه؛ إلا إذا صرّح بالتحديث، وكان سندُه متّصلًا (١) . وفي هذا الموطن ترى أن ابن إسحاق يحدّث عن رجل من آل أبي بكر؛ ففي هذا الإسناد علّتان:

الأولى: الانقطاع.

الثانية: وجودُ راوٍ مجهول؛ وقد نصّ على ذلك الأئمة. فقد نفوا صحة هذا الأثر، ومن أولئك: الإِمام ابن عبدالبر - رحمه الله - حيث قال: (وإنكْارُ عائشةَ < الإِسراء بجَسَده لا يصِحُّ عنها ولا يثبت قولها: ما فُقِدَ جسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. ) (٢) وكذلك أبو الخطاب بن دحية الكلبي (٣)، والقاضي عياض (٤)، و الزرقاني. (٥)


(١) انظر: "ميزان الاعتدال "للحافظ الذهبي (٣/ ٤٧٥)، و " تقريب التهذيب " للحافظ ابن حجر (٨٢٥)
(٢) "الأجوبة عن المسائل المستغربة"لابن عبدالبرِّ (١٥٦)
(٣) انظر: "الابتهاج في أحاديث المعراج" (٦٨)
(٤) انظر: "الشفا" (٢٠٨)
(٥) انظر: "شرح المواهب اللدنّية"للزّرقاني (٦/ ٤)

<<  <   >  >>