للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحَمْل قول الحسن البصريّ على الثاني هو المتوجّه في هذا المقام؛ لأمور:

الأول: أنَّه قد نسب إليه ابن الجوزي - رحمه الله - تقييده الرُّؤيا بالبصريَّة (١)، فحينئذ يُفَسَّر الإطلاق من خلال هذا القيد.

الثاني: أنّ اللائق به - رحمه الله - عدمُ خَرْقه للإجماع؛ فمن غير المعقول ذهابُه إلى مخالفة ما استقر عند الجيل الأول - رضي الله عنهم -، وقد تقدّم أنه لا يُعرَف عنهم خلافُ ذلك.

الثالث: أن "الرُّؤيا" بهذا المعنى معهودةٌ في اللسان ليست مستنكَرة؛ ومن ذلك قول الراعي:

فكبَّر للرؤيا وهشَّ فؤادُه ... وبشَّرَ نفسًا كان قبلُ يلومُها (٢)

وهو يعني: رؤية صائدٍ بعينه.

وقول أبي الطيب المتنبي:

* رؤياكَ أحلى في العيونِ من الغَمْضِ (٣) *

قال ابن الأنباري: (المُختارُ في هذه الرؤية أن تكون يقظةً، ولا فَرْقَ


(١) انظر: "زاد المسير" (٨١٩)
(٢) وهو من شواهد لسان العرب (٣/ ١٠) مادة (رأي)
(٣) "ديوان المتنبي" (١٥٧)، وهو من شواهد اللسان (٣/ ١١) مادة (رأي) وصدر البيتِ: *مَضَى اللَّيلُ والفضْل الَّذي لك لا يمضي*

<<  <   >  >>