للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمّا المراجعة للتخفيف بعد مشورة موسى - رحمه الله - = فإِنَّما كانت بعد أن استقرّ القبول والعزمُ على الأداء، وعلى وجه الرّجاء؛ إنْ خفّف به فذاك، وإلاّ فالقبول والاستعداد بحاله.

ولم يذكر في الحديث أنّ أحدًا من الرسل اطّلع على فرض الصلاة، وإِنَّما فيه: أنّه لمّا مر محمد بموسى - عليهما السلام - سأله موسى، فأخبره .. واختُصَّ موسى بالعناية؛ لأنه أقرب الرسل حالًا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن كُلًا منهما رسول مُنَزَّلٌ عليه كتابٌ تشريعيٌّ سائسٌ لأمة أريد لها البقاء، لا أنْ تُصْطَلَم بالعذاب) (١)

فتقرّر بذلك انتفاءُ هذا اللازم عمّن يثبِت أخبارَ الإسراء والمعراج؛ لشمول علم الله تعالى، ومعرفته بأحوال عباده، وما يصلحهم. ولكنّ الباري جلّ جلاله أراد أن يُظهِر فضيلة محمد - صلى الله عليه وسلم - في خضوعه وتسليمه، وفضيلة موسى - رحمه الله -؛ بأن جعله سببًا للتخفيف عن هذه الأمة، مع إبراز عظيم رحمته بهذه الأمة، ومع ما في هذه المراجعة من كريم المناجاة بين الله تعالى ونبيه - صلى الله عليه وسلم -.

• الخامس: وأمّا قول القائل: أنّ في ثبوت هذا الخبر ما يستلزم التناقضَ؛ إذْ كيف يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنبياء في بيت المقدس، ويصلي بهم، ثم يكون في الوقت ذاته في السماء؟ وكيف يكون موسى عليه السلام في السماء السادسة، ويراه في الوقت نفسه في قبره يصلّي؟

فيقال: ليس هناك تناقضٌ ألبتّة؛ ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - حينما أُسرِي به إلى بيت المقدس، وأَمَّ الأنبياءَ عليهم الصلاة والسلام؛ وهو ظاهر رواية ثابت البناني عن أنس - رضي الله عنه -، وهو ما اختاره الحافظ ابن حجر


(١) الأنوار الكاشفة، للمعلمي (١٢٠ - ١٢١) وانظر في التماس حكمة اختصاص موسى - عليه السلام - بالمراجعة: "الأجوبة المرضيّة"للإمام السَّخاوي (٢/ ٤٤٦)

<<  <   >  >>