للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العسقلاني (١) - رحمه الله -. ومن المعلوم أن وقت صلاته بهم لم يكن هو ذاتُه وقت رؤيته لهم في السماء؛ حينما عُرِج به. وشرط التناقُض: وحدة الزمان؛ وهذا غير متحقق هنا.

وفي بيان انتفاء التناقض يقول الإمام عقيل القضاعي - رحمه الله - مُعقِّبًا على الإمام الحُميدي في قوله عما حصل من رؤيته - صلى الله عليه وسلم - لإخوانه الأنبياء في مواطن مختلفة: (ومن المحال أَن يكونوا في مكانين مختلفين في وقت واحد) قال الإمام القضاعي: (وقول الحميدي ... قول صحيح في نفْسه، معلومٌ ببديهة العقل ... إن كونهم [أَي الأنبياء] تلك الّليلة في السَّماوات إِنَّما كان بسبب عروج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السَّماوات، فيكون كونهم هنالك ككونهم ببيت المقدس، وككون موسى في قبره يُصلِّي، ثم ينتقلون من ذلك الموضع إلى حيثُ شاء الله من الجنَّة، أو من غيرها.

ويجوز أن يكون ذلك موضعهم في الغالب، ولا نقول إنَّه موضعهم على الدَّوامِ بسبب كونهم ببيت المقدس تلك الَّليلة، وكما جاز في تلك الليلة يجوز في غيرها =وعلى الجُملة فالدُّخولُ في مثل هذه المضايق لا ينبغي لعاقِلٍ، فإنَّها مغيَّبة عنّا، وإِنَّما نتكلّم فيها بِحَسَبِ ما فهمناه من الشَّريعة .. ) (٢)

وقد اختلف أهل العلم - رحمهم الله - في رؤيته - صلى الله عليه وسلم - للأنبياء: هل


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٧/ ٢٧٤)، وذهب الإمام ابن كثير إلى أن العروج كان قبل الذهاب إلى بيت المقدس. انظر: تفسير القرآن العظيم (٥/ ٢٠٦٢)
(٢) "تحرير المقال " (١/ ١٠٧ - ١٠٨) والإمام عقيل القضاعي (٥٤٩ هـ-٦٠٨ هـ): هو عقيل بن عطية بن أبي أحمد القضاعي، حافظ متقن مُتصرف في فنون من العلم مع حسن الخطِّ والمشاركة في الأدب، ولي قضاء غرناطة وسجلماسة، من مصّفاته: "شرح مقامات الحريري"، و"رد على ابن عبدالبر في بعض تواليفه وتنبيه على أغلاطه"=انظر: "صلة الصلة "لابن الزُّبير (٤/ ١٧٠ - ١٧١)، و"التكملة لكتاب الصلة" (٤/ ٣٣ - ٣٤) وانظر: "مُقدِّمة محقّق "تحرير المقال".

<<  <   >  >>