للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجبروته، واستشراء خطره، واستفحال ضرره في بعض الأزمنة، وتطايُر أذاه في كثير من الأمكنة؛ بما يتيسّر له من وسائل التّمَكُّن والانتشار، والفتنة بعض الوقت، إلى أن تنطفئ جذوته، وتموت جمرته بسلطان الحق، وكلمة الله: إن الباطل كان زهوقا) (١) .

أمّا " مصطفى محمود " فإنّه يتأول الدجّال بأنّه " الحضارة الغربية "، فيقول: (تَروي لنا الأديانُ حكاية رجل يظهر في آخر الزمان، يأتي من الخوارق والمعجزات ما يفتن الناس، من كافة أرجاء الأرض، فيسيرون خلفه، وقد اعتقدوا أنه إله. وتصفه الروايات بأنه "أعور"، وأنه يملك من القوة الخارقة ما يجعله يرى بهذه العين الواحدة ما يجري في أقصى الأرض، كما يسمع بأُذُنِهِ ما يتهامس به الناس عبر البحار، كما يُسقِط الأمطار بمشيئته ... ذلك هذا المسيخ الدجال إحدى علامات السَّاعة التي نقرأ عنها في كتب الدين. والمسيخ الدجال قد ظهر بالفعل؛ كما يقول الكاتب البولندي " ليوبولد فايس" (٢) .. وهذا المسخ الشائه، ذو العين الواحدة - كما يقول ليوبولد فايس - هو = التقدم المادي، والقوة المادية، والترف المادي .. معبودات هذا الزمان.

مدنيّة هذا العصر الذرّي، العوراء التي تتقدّم في اتجاه واحدٍ، وترى في اتجاهٍ واحدٍ؛ هو الاتجاه المادّي. بينما تفتقد العين الثانية " الرُّوح" التي تبصر البُعد الرُّوحي للحياة .. فهي قوة بلا محبّة، وتكنلوجيا بلا أخلاق. وقد استطاع هذا المسخ فعلًا عن طريق العلم أن يسمع ما يدور في أقصى الأرض " باللاسلكي" ويرى ما يجري في آخر الدنيا " بالتليفزيون" وهو الآن يُسْقِطُ المطر بوسائل صناعيّة ... ) (٣) .


(١) "النهاية في الفتن والملاحم"بتحقيق أبو عبية (١/ ١١٨ - ١١٩) وعنه:"أشراط السَّاعة"للدكتور يوسف الوابل (ص ٣١٦) .
(٢) هو: محمد أسد.
(٣) "رحلتي من الشكّ إلى الإيمان"لمصطفى محمود (١٠٤ - ١٠٥) .

<<  <   >  >>