وممّا يدلّ على قلق هذا التأويل في نفس الشيخ السعدي - رحمه الله - عدم اطمئنانه إليه؛ لكونه يعارض الأحاديث الدالّة على الوجود العيني للدجال = أنّه عاد ليقرّر ذلك بقوله:(ولا بدّ أن تتوسّع سيطرة اليهود، ولا بدّ لهم من التضييق على جيرانهم من الحكومات العربية، ولا بدّ أن يتبيّن مَنْ الشخص منهم الذي هو المسيح الدجّال المعيّن بذاته، وتجري بقيّة ما ذكره الرسول - صلى الله عليه وسلم - على يده؛ حتى ينزل عيسى ابن مريم ... ). إلخ
ويبقى القول إنّ تأكيده على تأويل خوارق الدجّال بأنها المخترعات الحديثة التي ظهرت عند الإنجليز = قولٌ يفتقرُ إلى برهان يعضده، وحجّة تسنده؛ وليس شيءٌ من ذلك؛ بل الأدلة على خلافه. لأنّ هذه المخترعات مهما قيل في غرابتها؛ إلاّ أنها عند التحقيق لا تبلغ مبلغ الخوارق التي تجري على خلاف السنن الكونية؛ التي أودعها الله تعالى في الكون. ومردّ هذا التفسير عند الشيخ - رحمه الله -: ارتكازُه على ما ورد في حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -، الذي فيه:(هو أهون على الله من ذلك)(١).
وقد سَلَف بيان ضعف الارتكاز على هذا الحديث في تحقيق هذا المعنى. والله أعلم.