الخوارق التي معه عبارة عن تمثيل يقصد - صلى الله عليه وسلم - به العلوم العصرية، والمخترعات الحادثة التي استعان بها أولئك الإنجليز لنصرة اليهود لإقامة دولتهم = فهذا الفهم بعيدٌ جدًّا؛ و منشأ الخطأ الذي وقع هذا الإمام فيه: هو من جهة تحقيق مناط هذه الأحاديث؛ لا من جهة إحالة عقله لها قطعا، لأنَّه ممَّا لا ريب فيه أَن العلاّمة السعدي-رحمه الله- إمامٌ سلفيٌّ مُتَّبع للدَّلائل، والقادح في هذا التخريج الذي أعمله الشيخ - رحمه الله - =هو أنّ النصوص تردّه، وتدلّ على خلافه. إذْ كيف يُحمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما بُعث نبيٍّ إِلَاّ وقد أنذر أُمّته الأَعورَ الكذَّاب. ألا إنَّه أَعور. وإنَّ ربكم ليس بأعور وإنَّ بين عينيه مكتوب "كافر") (١) = على التمثيل، ويُحْمل هذا الإبداء والإعادة في شأن شخص بعينه على شعْب، أو أمّة من الأمم؟!.
ولو كان - صلى الله عليه وسلم - مرامه بالدجال خلاف ما دلّ عليه لفظه؛ لوقع الخُلف في ... قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإنّي سأصفه لكم صفة لم يصفْها إياه نبيّ قبلي) لأن مقتضى قوله عليه الصلاة والسلام هذا: أنّه سيكشف عن حال الدجال، ونعته؛ بما معه من خوارق، وبما فيه؛ كشفًا يُغني عن وصف كل نبي ممّن قبله، فضلًا عن وصف غيرهم ممن يقصرون عن رتبة النبوة، ومنزلة الرسالة.
وفهْم الشيخ عبد الرحمن السعدي - برّد الله مضجعَه - يعود بالإبطال على وصفه - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أتمّ الوصف وأعلاه، وأدلَّهُ، وأجلاهُ = وكلّ تأويل يعودُ على ما دلّ عليه النصّ بالإبطال؛ فهو حقيقٌ بألاّ يُلتفَت إليه.
ثم يقال: إنّه لو كان غرض النبي - صلى الله عليه وسلم - الكشف عن فتنة هؤلاء الإنجليز؛ لأبان عن ذلك بأوضح إشارة، وأدلّ عبارة.