تنقسم مواقف المخالفين لما دلّ عليه هذا الحديث إلى موقفين:
الموقف الأول: مَن ذهب إلى ردّ الحديث ضِمنًا؛ لا صراحةً.
الموقف الثاني: من رَدَّهُ تصريحًا.
أما أصحاب الموقف الأول فيتمثل في: كلّ من ردَّ الأحاديث الدالّة على خروج الدجال، وطعن فيها؛ فردُّ تلك الأحاديث يلحق بها من باب أولى " حديث الجسّاسة ". وعلى هذا؛ فكلٌّ من طوائف الجهمية والخوارج، وجماعات من المعتزلة، وطوائف من أهل الأهواء المعاصرين = هم ممن يأبى القبول بدلالة حديث الجسّاسة.
وأما أصحاب الموقف الثاني: فأوّل من تولّى ردّ هذه الحديث صراحةً - فيما يظهر - هو الشيخ محمد رشيد رضا؛ حيث أجلب عليه بأوقارٍ من الشبهات؛ سواءً كانت من جهة الرواية، أو من جهة الدّراية.
ومما قاله في ذلك:( ... ثم إنّ روايةَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن تميم الداري إنْ سَلِم سندُها من العِلل هل تجعل الحديثَ ملحَقًا بما حدّث به النبي - صلى الله عليه وسلم - من تلقاء نفسه، فيُجْزَمُ بصدق أصله، قياسًا على إجازته - صلى الله عليه وسلم -، أو تقريره للعمل إذ يدلُّ حلّه وجوازه (١)؟
والظاهر لنا أنّ هذا القياس لا محلّ له هنا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يعلم الغيب؛ فهو كسائر البشر يحْمِل كلامَ النّاس على الصدق؛ إذا لم تحف به شبهة. وكثيرًا ما صدّق المنافقين والكفّار في أحاديثهم، وحديث
(١) كذا في قرص مجلة المنار المدمج، ولعل الصواب: على حله وجوازه.