للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرنيين (١)، وأصحاب بئر معونة (٢)؛ ممّا يدلّ على ذلك. وإنما كان يعرف كذِب بعض الكاذبين بالوحي، أو بعض طرق الاختبار، أو أخبار الثقات، ونحو ذلك من طرق العلم البشري. وإنّما يمتاز عن غيرهم بالوحي، والعصمة من الكذب، وما كان الوحي ينزل إلاّ في أمر الدين، وما يتعلق بدعوته، وحفظه، وحفظ ما جاء به. وتصديق الكاذب ليس كذبًا ... ) (٣).

وممّا قاله أيضًا: ( ... هل يجب أن تكون حكايته - صلى الله عليه وسلم - لما حدّث به تميم تصديقًا له؟ وهل كان - صلى الله عليه وسلم - معصومًا من تصديق كل كاذبٍ في خبر؛ فيُعد تصديقه لحكاية تميم دليلًا على صدقه فيها؟ ويُعد ما يردُ عليها من إشكال واردًا على حديث له حكم المرفوع؟ وفي معناه: إقراره - صلى الله عليه وسلم - لعمر على حلفه بأن ابن صيّاد هو الدجّال؛ كما تقدّم = إنّ ما قالوه في العصمة لا يدخل فيه هذا، فالمُجمَع عليه هو العصمة في التبليغ عن الله تعالى، وعن تعمُّد عصيانه بعد النبوة ... وتصديقُ الكاذب لا يُعدّ ذنبًا .. وقال المحقّق ابن دقيق العيد في مسألة تقريره - صلى الله عليه وسلم - من أوائل شرح الإلمام: " إذا أخبر في حضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمرٍ ليس فيه حكم شرعي؛ فهل يكون سكوته - صلى الله عليه وسلم - دليلًا على مطابقته ما في الواقع؛ كما وقع لعمر في حلفه على ابن الصّيّاد: هو الدجّال؟ فهل يدل عدم إنكاره على أن ابن الصياد هو الدجال كما فهمه جابر؛ حتى صار يحلف عليه، ويستند


(١) رواه البخاري في: كتاب"الوضوء"، باب: أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها (١/ ٥٦ - رقم [٢٣٣])،ومسلم في: كتاب"القسامة"باب"حكم المحاربين والمرتدين" (٣/ ١٢٩٦ - رقم [١٦٧١]).
(٢) أخرجه البخاري في: كتاب"المغازي"باب"غزوة الرجيع، و رعل، وذكوان، وبئر معونة" (٥/ ١٠٤ - رقم [٤٠٨٨]) ومسلم في: كتاب"المساجد ومواضع لصلاة"باب"استحباب القنوت في جميع الصلاة" (١/ ٤٦٨ - رقم [٦٧٧]).
(٣) مجلة المنار (مج ١٩/ج ٢/ ٩٧).

<<  <   >  >>