أمّا ما اعترض به الشيخ أبو الأعلى المودودي، فدون النّاظر إنعام الفكر فيه: هل يصلح لأن يكون علة للقدح في الحديث، أو لا؟
وإنّي لأعجب من استرواح المودودي - عفا الله عنه - إلى هذه الشبهة المتهافتة، وارتكازه عليها. فليس في تأخُّر خروج المسيح الدجال إلى ساعتنا هذه ما يكون باعثًا للطعن في خبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. فليس بمثل هذه المعارضات تُبطل الأخبار. نعم؛ ينقدح الاستشكال، لا الإبطال: لو أنه جاء في الحديث تعيين وقت خروجه، ثمّ لم يخرج في الوقت المخبَر به = فحينئذ يتّجه النظر لحلّ هذا المشكل.
وبعد نقض هذين الاعتراضين، ينصرف الحديث إلى تعقُّب بعض ما جاء في كلام الشيخ محمد رشيد رضا في إبطال بعض ما تضمّنه كلامه - رحمه الله - من الحيدة عن الصواب. يغني ذلك عن تعقُّب كلام محمود أبي رية؛ لأنه لا يخرج في كلامه عمّا قرّره محمد رشيد رضا.
فأمّا الشيخ محمد رشيد رضا؛ فإنّه جعل حكاية النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قصّه عليه ... تميم - رضي الله عنه - لا يعدُّ تقريرًا لخبره، ولا تصديقًا لقوله. واعتضد - رحمه الله - بما نقله الحافظ ابن حجر عن ابن دقيق العيد - رحمهما الله تعالى - في تحريره مسألة: ما لو أُخبِر بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمرٍ ليس فيه حكم شرعي؛ هل يُعدّ سكوتُه من قبيل التقرير لما أخبر، أو لا؟ وقبل مناقشته - رحمه الله - في قوله، وفيما اعتضد به؛ فإنّه يَحسن ابتداءً سوقُ كلام ابن دقيق العيد من مصدره، دون الاقتصار على ما نقله الحافظ ابن حجر، الذي نقله عنه الشيخ محمد رشيد رضا.
يقول ابن دقيق العيد - رحمه الله -:
( ... الثالثة: في قاعدة التقرير والسكوت. ذكر في فن الأصول من ذلك: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا سُئل عن واقعةٍ، فسكت عن جوابها، فيدلّ