للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك على أنه لا حُكم لله تعالى فيها. فأمّا إنْ فُعل فِعْلٌ عنده، أو في عصره، وعَلِم به - قادرًا على الإنكار (١) - فلم ينكره؛ فإن كان مُعتَقَدًا لكافرٍ؛ كالمصلّي إلى الكنيسة، فلا أثر للسكوت إجماعًا. وإلاّ دلّ على الجواز إن لم يسبق تحريم، وعلى النسخ إن سبق؛ لأنّ تقريره - مع تحريمه - ارتكاب محرَّم، وأيضًا فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة، لإيهام الجواز والنسخ.

وقد تصدّى النظرُ، ورأى ذلك في صور: ...

رابعُها: أن يُخبَر بحضرته عن أمرٍ ليس بحكم شرعي، يحتمل أن يكون مطابقًا، ويحتمل أن لا يكون؛ فهل يكون سكوته دليلًا على مطابقته؟

مثاله: حلف عمر بحضرته - صلى الله عليه وسلم - أنّ ابن صيّادٍ الدّجالُ، ولم ينكر عليه ذلك؛ فهل يدلّ ذلك على كونه هو أم لا؟ وفي ترجمة بعض أهل الحديث ما يُشعِر أنه ذهب إلى ذلك.

والأقرب عندي: أنه لا يدلّ؛ لأن مأخذ المسألة ومناطها - أعني: كون التقرير حجة - هو العصمة من التقرير على باطل، وذلك يتوقّف على تحقق البطلان، ولا يكفي فيه عدم تحقق الصحّة؛ إلاّ أن يدّعي مُدّعٍ أنّه يكفي في وجوب البيان عدم الصحّة؛ فيحتاج إلى بيان ذلك، وهو عاجزٌ عنه. نعم التقرير يدلّ على جواز اليمين على حَسَب الظنّ، وأنه لا يتوقف على العلم؛ لأن عمر - رضي الله عنه - حلَف على حسب ظنّه، وأُقرَّ عليه) (٢).


(١) هذا القيد الذي ذكره المؤلف اعتُرِض عليه بأنّ من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -: أنّ وجوب إنكاره المنكر لا يسقط عنه بالخوف على نفسه؛ لأنّ الله تعالى ضمن له النصر والظفر، بقوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥)} [الحجر] ولأنه لو لم يُنكِره لكان يوهم أن ذلك جائز، وإلاّ لأمر بتركه انظر: حاشية محقّق الكتاب (١/ ٢١٥) و:"إرشاد الفحول" (١/ ١٨٤ - ١٨٥).
(٢) "شرح الإِلمام بأحاديث الأحكام" (١/ ٢٢١ - ٢٢٢).

<<  <   >  >>