فقوله تعالى:{وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} آل عمران:٥٥ وقوله: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} نَصٌّ على إثبات رفعه - عليها السلام - , رفعًا حِسّيًا.
فإن قيل: لِمَ لا يُحمَل الرّفعُ هنا على رفع المكانة والحظوة , والقرآن قد أتى بهذا، فقد قال جل وعلا:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} المجادلة: ١١؟ وعلى هذا فدعوى النصيَّة والقطْع على أن المراد بالرفع هنا الرفع الحسِّي =فيها نظر.
فالجواب: إنّ احتمالَ تأرجُحِ (الرفع) في كتاب الله بين رفع المكانة والمنزلة, وبين الرفع الحسي لا يُنكَر بالنظر إلى الوضع؛ فتُلتَمَس حينئذٍ القرائن التي تُبِيْنُ عن المراد " بالرفع " في الآية. وبالنّظر إلى مجموع هذه القرائن نجد أَنها تحسِم الاحتمالَ، وتقود إلى القطع بالمراد بـ " الرفع " وأنه الرفع الحسّي لا غير.
وجُملة هذه القرائن تنقسم إلى قسمين:
-القسم الأول: قرائن خارجيّة.
-القسم الثاني: قرائن داخلية (=دلالة السياق).
فأما القسم الأوّل: وهي القرائن الخارجيَّة , فتدور حول جملةٍ من الدلالات:
الدلالة الأولى: ما تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تواترًا معنويًا من أَنَّ عيسى - عليها السلام - ينزل في آخر الزمان. ولا معنى للنزول إلاّ كونه كان مستقرًا في السماء.