للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدَّلالة الثانية: دلالة الآثار الواردة عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن ذلك: ما صَحَّ عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس ـ - رضي الله عنها - ـ فيما رواه عنه ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، قال: (لما أَراد اللهُ أن يرفع عيسى - عليها السلام - إلى السماء .. ) وفيه: (ورُفِعَ عِيْسَى من رَوْزنَةٍ (١) كانت في البيتِ إلى السماءِ .. ) (٢) .

ومِثْل هذا الأثر الثابت عن ابن عباس ـ - رضي الله عنه - ـ لا يكون من قبيل الرأي المُجرّد , وما كان كذلك فهو إذنْ في حكم المرفوع {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥)} (٣) .

الدلالة الثالثة: دَلالةُ الإجماع المُتَيَقَّن؛ الذي سبق بيانه = فهذه قرائن من خارج النص , فلو لم يكن في المسألة لبيان معنى الرَّفع في الآية إلا واحدة من تلك الدلالات = لَكَفَتْ في نَفْي الاحتمال. فكيف إذا تضافرت؟ بل كيف إذا اعتضدت بالقرينة الأخرى؟ وهي:

القسم الثاني: دلالة السياق:

فالسياق بمفرده قد ينقل الدلالة من الاحتمال الذي يكتنفها إلى النصيَّة , فهو كاشفٌ عن المُجْمَلات , ومُرجّحٌ للمحْتَمَلات (٤) , وإنَّ مِنْ خلْف القول وفساد الرأي إغفالُ هذه الدلالة؛ لتمهيد الطريق للادعاء بعدُ بأن الآية ليست نَصًّا في إثبات رفع عيسى - عليها السلام - (٥) . وهذا القول مَبْنيٌّ على


(١) الروزنة: الكوة, القاموس المحيط (١٥٤٩) .
(٢) "تفسير القرآن العظيم" (٤/ ١١١٠) من طريق الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير به .. ،قال الحافظ ابن كثير عن هذا الإسناد: (وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شَرْطِ مُسلمٍ) =انظر: "البداية والنهاية" (٢/ ٥١٠)،ورواه أيضًا النَّسائيُ في"سنن الكبرى" (٦/ ٤٨٩ - رقم [١١٥٩١]) من طريق أبي كريب عن أبي معاوية به نحوه.
(٣) انظر:"المستدرك"للحاكم (٢/ ٢٨٣) و"إعلام الموقِّعين"لابن قَيِّمٍ الجوزية (٤/ ٣١ - ٣٧)،و"النُّكت على كتاب ابن الصلاح"لابن حجر (٢/ ٥٣١) .
(٤) انظر:"الإمام في بيان أدلة الأحكام": للعز بن عبد السلام (١٥٩) .
(٥) انظر:"نزول عيسى - عليه السلام - "لمحمود شلتوت (٣٦٣) , مجلة الرسالة العدد (٤٩٦) (السنة الحادية عشرة ذو الحجة ١٣٦١) .

<<  <   >  >>