للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصليب , ويضع الجزية , ولا يقبل إلاّ الإسلام. وحينئذٍ يؤمن به جميع أهل الكتاب، ولا يتخلّف عن التصديق به أحد منهم.

الثاني: أن عَوْد الضميرين في {بِهِ} و {مَوْتِهِ} إلى عيسى - عليها السلام - هو الأَليق بالسياق والنَّظم؛ لأن «عَوْد أحدهما على غير ما يعود عليه الآخَر فيه تشتيتٌ للضمائر. وهذا مما يُنَزَّه عنه الكتاب الكريم» (١) .

قال أَبو حيان: «والظاهر: أنّ الضميرين في {بِهِ} , و {مَوْتِهِ} عائدانِ على عيسى , وهو سياق الكلام. والمَعْنِيّ "من أَهل الكتاب " = الذين يكونون في زمان نزوله» (٢) .

وهذا ظاهر اختيار أبي هريرة ـ - رضي الله عنه - ـ؛ حيث ربَط بين حديث نزوله - عليها السلام -، وبين الآية ـ كما سبق سَوْقُه ـ. وهو اختيار ابن عباس ـ - رضي الله عنها - ـ (٣)، وابن جرير (٤) , وأَبي حَيَّان ـ كما سبق ـ , وابن كثير (٥) .

قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ... } الزخرف: ٦١

والضمير في {وَإِنَّهُ} عائد على " عيسى - عليها السلام - ". فيكون مقصود الآية ـ والله تعالى أعلم ـ: إن نزول عيسى - عليها السلام - إشْعَارٌ بقُرب السَّاعة , وأَنَّ مجيئَه في آخر الزمان شَرطٌ من أشراط القيامة.

ومما يؤيد عَوْد الضمير إلى عيسى - عليها السلام - أُمورٌ:

الأمر الأوّل: أَن سياق الآيات قبل هذه الآية في شأن عيسى - عليها السلام -. قال الله تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) إِنْ


(١) "نظرة عابرة" (١٠٠) .
(٢) "البحر المحيط" (٣/ ٣٩٢) .
(٣) أخرجه ابن جرير في"تفسيره" (٦/ ١٨) من طريق سعيد بن جبير وصحح إسناده الحافظ ابن حجر = انظر:"فتح الباري" (٦/ ٦٠١) .
(٤) "جامع البيان" (٦/ ٢١) .
(٥) "تفسير القرآن العظيم" (٣/ ١٠٥٣) .

<<  <   >  >>