أَبي طلحة، وبين ما دلّ عليه القرآن، والرواية الأخرى عن ابن عباس.
وبيان ذلك: أن قول ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ}: إني مُمِيتُك. ليس فيه بيان وقت الإماتة. والآية لا تدل على ذلك؛ لأن (الواو) في قول الله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} لا تقتضي الترتيب؛ فيكون مُرادُ ابن عباس ... - رضي الله عنها - والله أعلم -: إنّي مُميتك بعد نزولك من السماء في آخر الزمان. كما صحّت بذلك الأَخبار؛ ويكون هذا الوَجْهُ بناءً على أَن في الآية تقديمًا وتأخيرًا؛ أي: إِذْ قال الله يا عيسى إني رافعك إليَّ .. ومطهرك من الذين كفروا. ومتوفيك بعد إنزالي إيّاك إلى الدنيا.
وقد ذهب إلى هذا الجَمْع والتوفيق الإمامُ ابن عبد البر ـ - رحمه الله - ـ؛ حيث قال:«والصحيح عندي ـ في ذلك ـ: قول من قال: متوفيك، وقابضك من الأَرضِ. لما صَحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من نزوله. وإذا حُمِلت رواية علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس , على التقديم والتأخير؛ أي: رافعُك، ومُمِيتُك = لم يكن بخلاف ما ذكرناه»(١) .
الضَمير في الموضعين في هذه الآية يعود على عيسى - عليها السلام - , ودلالة السياق تدل على هذا الاختيار. لأمرين:
الأول: أنّ سياق الآيات قبلها جاء في تقرير بطلان دعوى اليهود في زعمهم قتل عيسى - عليها السلام - , وبيان ضَلَال النّصارى في تسليمهم لليهود فيما ادّعَوْهُ = بأنَّ الله نجَّى نبيَّه، وطَهَّره من كيد أعدائه؛ برفعه حيًّا إلى السماء، وحصول القتل على شبيهه, وأنّه سينزل في آخر الزمان، فيكسر