للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وعليُّ [أي ابن أبي طلحة] صدوقٌ، لم يلق ابن عباس؛ لكنه حَمَلَ عن ثقات أصحابه؛ فلذلك كان البخاري، وابن أَبي حاتم، وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة» (١) .

وزبدة القول: إنّ ارتضاء الأئمة لصحيفة علي بن أَبي طلحة في التفسير في الجُمْلة , لا يلزم منه الرضا بآحاد ما رَوى. ولعل هذا ما جَعَل الإمام أَحمد ـ - رحمه الله - ـ يقول: «له أشياء منكرات» فإن حُكم بأنَّ هذه الرواية من مُنكر ما يرويه علي بن أَبي طلحة=انتفى الإشكال، وإن صُححت؛ أَخْذًا بثناء الأئمة على هذه الصحيفة من حيث الجملة , بقي النَّظَرُ حينئذٍ في أمرين:

الأمر الأوّل: مُعَارَضة هذه الرواية لما صح عنه أيضًا: «أن عيسى رُفع من رَوْزنةٍ في البيت» (٢) .

الأمر الثاني: أنَّ التسليم بمقتضى هذه الرِّواية يَسْتلزم مخالفة صريح القرآن؛ ذلك بأَن الله أخبر أنّ وقوع الموت على العباد يكون مرة واحدة , ثم يحييهم. قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} الروم: ٤٠

قال الإمام ابن جرير: «ومَعْلومٌ أنه لو كان قد أَماته الله ـ عز وجل ـ , لم يكن بالذي يميته ميتةً أُخرى , فيجمع عليه ميتتين؛ لأن اللهَ ـ عزّ وجلَّ ـ إنما أَخبر عبادَه أنَّه يخلقهم، ثم يميتهم، ثم يحييهم. كما قال جَلَّ ثناؤه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ} الروم: ٤٠) (٣) .

والذي يظهر -والله أَعلم-: أنّه لا تعارُض بين رواية علي بن


(١) "العُجاب في بيان الأسباب"لابن حجر (١/ ٢٠٦ ـ ٢٠٧) .
(٢) سبق تخريجه.
(٣) "جامع البيان" (٣/ ٢٩١) .

<<  <   >  >>