للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَبي صالح - كاتب اللَّيْث - , عن معاوية. وأَجمعَ الحُفَّاظُ على أَنَّ ابنَ أَبي طلحة لم يَسْمعه من ابن عباس» (١) = طعنًا في صحَّة المرويِّ عن ابن عباس؛ وإنما هو بيانٌ منه عن سقوط الواسطة بين علي بن أَبي طلحة وبين ابن عباس؛ لأنه لم يسمع من ابن عباس. وسقوط الواسطة بينه وبين ابن عباس ـ - رضي الله عنها - ـ لا يقتضي الطعن في مُرْويّه لعدم الجهل بها؛ لأَنّ الحُفّاظ سَبَروا مرويّاتِه عن ابن عباس في التفسير , فوجدوا أنه إنما يرويها عن ثقات أصحاب ابن عباس؛ كمجاهد بن جبر , وعكرمة مولاه.

قال الذهبي ـ - رحمه الله - ـ: «أخذ تفسيرَ ابن عباس عن مجاهد , فلم يذكر مجاهد؛ بل أرسله عن ابن عباس» (٢) .

وقد أبان أبو جعفر النَّحاس ـ - رحمه الله - ـ عن مَأْخذ مَنْ طعَن في هذا الإسناد بقوله: « ... والذي يطعن في إسناده يقول: ابن أبي طلحة لم يَسْمع عن ابن عَبّاس , وإنما أَخذ التفسير عن مُجَاهد وعكرمة = وهذا القول لا يوجبُ طعنًا؛ لأنَّه أَخذه عن رجلين ثقتين. وهو في نفسه ثقةٌ، صدوق» (٣) .

فإذا استبان لنا أَن مَأْخذ مَنْ طَعَن في هذا الإسناد هو إرسال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس = عُلِمَ أن هذا الطعن لا مُوجب له؛ للعِلْم بحالِ مَنْ أسقطه ابن أبي طلحة , وكونهم من ثقات أصحاب ابن عباس. لذا احتمل الأئمة منه هذا الإرسال , ولم يسووا بين روايته للحديث , وبين روايته عن ابن عباس. ولذا تجد الإمام أَحمد يقول: «إِنّ بمصر صحيفة في التفسير رواها عليّ بن أبي طلحة , لو رَحَل رجُلٌ فيها إلى مِصْر قاصدًا = ما كان كثيرًا» (٤) . وقال الحافظ ابن حجر ـ - رحمه الله - ـ:


(١) "الإرشاد في معرفة علماء الحديث" (١/ ٣٩٣ ـ ٣٩٤) .
(٢) "ميزان الاعتدال" (٣/ ١٣٤) .
(٣) "الناسخ والمنسوخ" (١/ ٤٦١ - ٤٦٢) .
(٤) انظر:"فتح الباري" (٨/ ٥٥٧) .

<<  <   >  >>