للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض كبدن سائر الأنبياء , أو غيره من الأنبياء ... ولهذا قال من قال من العلماء: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ}: أي قابضك. أي قابض روحك وبدنك , يقال: توفيت الحساب واستوفيته , ولفظ التوفّي لا يقتضي توفي الرُّوح دون البدن , ولا توفيهما جميعًا؛ إلَاّ بقرنية منفصلةٍ) (١) .

وقد يقال: قد ورد عن ترجمان القرآن ابن عباس - رضي الله عنهما - تَفْسير الوفاة في الآية بالموت؛ فيكون ذلك حجة لمن قال بأن الرفع إنما كان لروحه دون بدنه.

والجواب عن ذلك يتحصَّل بتقرير ثلاثة أمور:

الأَوَّل: النَّظر في صِحَّةِ الوارد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - والمتأمل في هذا المروي يجد أنَّ ابن جرير أخرجه من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة.

ومعاوية بن صالح قال عنه الحافظ ابن حجر ـ - رحمه الله - ـ: «صَدوقٌ. له أوهام من السابعة. مات سنة (١٥٨ هـ) وقيل: بعد (١٧٠ هـ) ... » (٢) .

وعلي بن أبي طلحة؛ وإنْ طعن بعض الحفاظ في روايته للحديث؛ كيعقوب بن سفيان؛ حيث قال: «وروى شعبة، وحماد بن زيد، عن بُديل بن ميسرة، عن علي بن أَبي طلحة. شامي، وهو يكنى أبا طلحة. وهو ضعيف الحديث، مُنْكَر , ليس بمحمودِ المذهب» (٣) . وكالإمام أَحمد؛ حيث قال: «له أشياء منكرات» (٤) . = فلا يلزم من ذلك ـ فيما يظهر ـ أَنهم يطّرِدون هذا الطعن ليشمل ما يرويه في التفسير.

وليس قولُ أَبي يعلي الخليلي ـ - رحمه الله - ـ «وتفسير معاوية بن صالح قاضي الأندلس عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: رواهُ الكبار عن


(١) "مجموع الفتاوى" (٤/ ٣٢٢ - ـ ٣٢٣) .
(٢) " التقريب "لابن حجر (٩٥٥) .
(٣) "المعرفة والتاريخ"للفسوي (٢/ ٤٥٧) .
(٤) انظر:"ميزان الاعتدال"للذهبي (٣/ ١٣٤) .

<<  <   >  >>