للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

= ومن الدلائل القرآنية الدالة على نزوله - عليها السلام -: قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (٤٦)} آل عمران: ٤٦ وقال جل وعلا: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا} المائدة: ١١٠

ووجه الدلالة من هاتين الآيتين: أنَّ تخصيصَ وقوعِ التكليم من عيسى - عليها السلام - بِحالَيْ المَهد والكهولة؛ مع كونه متكلمًا فيما بين ذلك = دلالةٌ ظاهرة على أن لِتيْنِكَ الحالين مزيد اختصاصٍ، ومزيّةٍ؛ فَارقَا بهما جميع كلامه الحاصل بين تَيْنِكَ الحالين.

توضيح ذلك:

أَنّ الكلام في المَهْد خارقٌ للعادة , خارجٌ عن السُّنن. وهذا بَيِّنٌ. فكذلك قوله تعالى: {وَكَهْلًا} هو عطف على مُتعلق الظرف قبله، آخِذٌ حكمَه؛ أي: يُكلِّم الناس في حال المَهد , ويُكلّمهم في حال الكهولة. «وإذا كان كلامه في حالة الطفولة عقب الولادة مباشرة = آية؛ فلا بُدّ أن المعطوف عليه؛ وهو: كلامه في حال الكهولة كذلك؛ وإلا لم يُحْتجْ إلى التنصيص عليه؛ لأنَّ الكلام من الكهل أَمرٌ مألوف معتاد , فلا يحسُن الإخبار به؛ لا سيما في مقام البشارة» (١) .

لذا قال ابن زيد: «قد كلّمهم عيسى في المهد , وسيكلّمهم إذا قَتَل الدجال» (٢) .

وقال الحُسين بن الفضل البجلي: المراد بقوله: {وَكَهْلًا} أن يكون كهلًا بعد أَن ينزل من السماء في آخر الزمان , ويُكلِّم الناس , ويقتل الدجال = وفي هذه الآية نصٌّ في أنه - عليها السلام - سينزل إلى الأرض (٣)».


(١) فصل المقال"للشيخ محمد خليل هرَّاس (٢٤) .
(٢) انظر:"جامع البيان"لابن جرير (٣/ ٢٧٢) , و"المحرر الوجيز" لابن عطيَّة (٣٠٢) .
(٣) انظر:"مفاتيح الغيب" (٣/ ٢٢٥)

<<  <   >  >>