للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو آفة الحقِّ , وعدوّ الدِّين في كلِّ زَمَان = فزمان عيسى على هذا التأويل: هو الزمان الذي يأخذ الناس فيه بروح الدين والشريعة الإسلامية؛ لإصلاح السرائر، من غير تَقيُّدٍ بالرّسُوم والظواهر» (١) .

وقد وافق الشيخُ رشيد رضا أستاذَه في إبطال معاني تلك الأحاديث؛ إلا أنه لم يسلك مسلك شيخه في التأويل ـ كما سيأتي ـ بل اكتفى بتفويض معاني تلك الأحاديث إلى الله (٢) .

فكلاهما -في الواقع- يتفقان على تعطيل مدلول تلك الأَحاديث؛ إلا أن الشيخ " محمد عبده " لم يتركْ تلك الأحاديث معطّلةً من المعنى الحق؛ بل اختار أَن يلتمس غريب المعاني ليملأ هذا الفراغ.

وممن ذهب إلى إنكارِ رفع ونزول عيسى - عليها السلام -: الشيخ محمد شلتوت. حيث غَالَطَ الحقائق , وأنكر البَدَهِيّات من دين المسلمين؛ فزَعَمَ أنه ليس في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة «مستند يَصْلح لتكوين عقيدة يطمئن إليها القلب؛ بأن عيسى رُفع بجسمه إلى السماء , وأنّه حي إلى الآن فيها , وأنه سينزل منها آخر الزمان إلى الأرض»!! (٣)

وإذا انتفى المُستند الذي يُثبِت هذه العقيدة؛ فإنّ فُشُوَّها في المحيط الإسلامي ـ بزعمهم ـ هو من أثر أحد العوامل الأجنبية التي رسّخت هذه العقيدة بينهم؛ ألا وهو: عامل الإسرائيليات؛ التي تأثر بها المسلمون نتيجة للانحطاط الديني الذي يعايشونه , فتعلّقت آمالهم في الإصلاح والتجديد على مُخلّصٍ يَردُّ أمر الدين إلى حالته المثلى!

وفي تقرير ذلك يقول "حسن الترابي": «وفي بعض التقاليد الدينيَّة تَصَوُّر عقديٌّ؛ بأن خطّ التاريخ الديني بعد عهد التأسيس الأوَّل ينحدر


(١) انظر:"تفسيرالمنار" (٣/ ٣١٦ ـ ٣١٧) .
(٢) انظر:"المصدر السابق" (٣/ ٣٩٤) , و"موقف المدرسة العقلية الحديثة" (٣٤٠)
(٣) (نزول عيسى - عليها السلام -) مجلة الرسالة , (ص ٣٦٣) العدد (٤٩٦) السنة الحادية عشرة.

<<  <   >  >>